ما المقصود بالرشوة في القانون السعودي

2 فبراير, 2025

جريمة الرشوة في النظام السعودي: من حيث المفهوم والعقوبة والآثار

تعد جريمة الرشوة من أخطر الجرائم التي تمس نزاهة الوظيفة العامة والقطاع الخاص، لما لها من تأثير سلبي على مبدأ تكافؤ الفرص، وعرقلة التنمية الاقتصادية، وتقويض ثقة المجتمع في المؤسسات الحكومية. ولذلك، حرص المشرّع السعودي على وضع إطار قانوني صارم لمكافحة هذه الجريمة ومعاقبة جميع الأطراف المتورطة فيها، سواء كانوا موظفين حكوميين أو أفراد في القطاع الخاص.

أولاً: تعريف الرشوة في النظام السعودي

وفقًا لنظام مكافحة الرشوة السعودي، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/36) بتاريخ 29/12/1412هـ، تُعرَّف الرشوة بأنها:

“كل وعد أو عطية أو ميزة أو منفعة يقدمها شخص لأحد الموظفين أو المسؤولين العموميين بقصد حمله على أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بواجباته، سواء كان العمل مشروعًا أو غير مشروع.”

ويُعد كل من الراشي (المقدم) والمرتشي (المستلم) والوسيط أطراف في الجريمة، ويخضعون جميعا للعقوبات المنصوص عليها في النظام.

ثانياً: أركان جريمة الرشوة

لكي تتحقق جريمة الرشوة في القانون السعودي، يجب أن تتوافر فيها الأركان التالية:

  1. الركن المادي: يتمثل في الفعل الإجرامي المتمثل في طلب الرشوة، أو قبولها، أو عرضها، أو التوسط فيها، سواء كان ذلك مباشرة أو من خلال وسيط.
  2. الركن المعنوي: يتمثل في القصد الجنائي لدى الجاني، أي علمه بأن الفعل الذي يقوم به غير مشروع، وأنه يسعى إلى تحقيق مصلحة شخصية مقابل الإخلال بواجباته الوظيفية.
  3. الركن الخاص: وهو صفة المرتشي، حيث يشترط أن يكون موظفًا عامًا أو من في حكمه، ويشمل ذلك العاملين في المؤسسات الحكومية والشركات التي تساهم الدولة في رأسمالها.

ثالثاً: الأفعال المجرّمة في نظام مكافحة الرشوة

حدد النظام السعودي مجموعة من الأفعال المجرمة المندرجة تحت جريمة الرشوة، ومنها:

  1. طلب أو قبول الرشوة: كل موظف عام يطلب لنفسه أو لغيره، أو يقبل، أو يأخذ وعدًا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن أدائه، سواء كان العمل مشروعًا أم لا.
  2. استغلال النفوذ الوظيفي: كل شخص يطلب أو يقبل رشوة لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم لدى جهة حكومية للحصول على قرارات أو تراخيص أو خدمات.
  3. الإخلال بواجبات الوظيفة: كل موظف يقوم بعمل أو يمتنع عنه نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة، يُعد في حكم المرتشي.
  4. طلب الرشوة لمتابعة معاملات حكومية: كل موظف عام يطلب رشوة مقابل متابعة معاملة في جهة حكومية دون أن تنطبق عليه النصوص الأخرى في النظام.

رابعاً: العقوبات المقررة لجريمة الرشوة 

وفقًا لنظام مكافحة الرشوة، تنقسم العقوبات إلى:

  1. العقوبات الأصلية
  • السجن مدة تصل إلى 10 سنوات، أو
  • غرامة تصل إلى مليون ريال سعودي، أو
  • كلتا العقوبتين معًا.
  1. العقوبات التبعية
  • العزل من الوظيفة العامة.
  • الحرمان من تولي الوظائف العامة مستقبلاً.
  • مصادرة الأموال والمنافع المكتسبة من جريمة الرشوة.

خامساً: العقوبات المقررة في مواجهة الأطراف الأخرى في جريمة الرشوة

1. عقوبة الراشي

يعاقب الراشي بنفس العقوبة المقررة للمرتشي (السجن حتى 10 سنوات أو الغرامة حتى مليون ريال).

يعفى الراشي من العقوبة إذا اعترف للجهة المختصة بالجريمة قبل اكتشافها.

2. عقوبة الوسيط

الوسيط هو الشخص الذي يتوسط بين الراشي والمرتشي لتسهيل تقديم أو قبول الرشوة.

يعاقب بالسجن حتى 5 سنوات أو غرامة تصل إلى 500 ألف ريال سعودي.

3. عقوبة الشريك في الجريمة

يُعاقب كل من حرّض أو ساعد أو اتفق على ارتكاب جريمة الرشوة، متى تمت بناءً على هذا الاتفاق، بعقوبة تصل إلى سنتين سجن أو غرامة قدرها 50 ألف ريال.

سادساً: من يعد في حكم الموظف العام وفقًا لنظام مكافحة الرشوة؟

يشمل تعريف الموظف العام، بهدف تطبيق النظام، الفئات التالية:

  1. الموظفون الحكوميون سواء كانوا دائمين أو مؤقتين.
  2. المحكمون والخبراء المعيّنون من قبل الحكومة أو الهيئات القضائية.
  3. أي شخص مكلف من جهة حكومية أو سلطة إدارية أخرى بأداء مهمة رسمية.
  4. موظفو الشركات التي تدير مرافق عامة أو تقدم خدمات عامة.
  5. رؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات التي تساهم الدولة في رأسمالها.
  6. العاملون في الجمعيات الأهلية ذات النفع العام.
  7. الموظفون العموميون الأجانب وموظفو المنظمات الدولية فيما يتعلق بتصريف الأعمال التجارية الدولية.

سابعاً: العفو في تطبيق عقوبة جريمة الرشوة

وفقًا لنظام مكافحة الرشوة، يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا قام بإبلاغ الجهة المختصة بالجريمة قبل اكتشافها، وذلك بهدف تشجيع الكشف عن هذه الجرائم وتعزيز جهود مكافحة الفساد.

ثامناً: الوعد والعطية ضمن مفهوم الرشوة

يعد أي نوع من الفوائد أو المزايا، سواء كانت مادية أو غير مادية، وعد أو عطية في إطار جريمة الرشوة، مثل:

  • المبالغ المالية والهدايا العينية.
  • تسهيلات أو تخفيضات في العقود والمعاملات التجارية.
  • منح امتيازات غير مشروعة.

تاسعاً: الآثار القانونية والاقتصادية لجريمة الرشوة

  1. تمثل الرشوة خطرًا جسيمًا على المجتمع والاقتصاد الوطني، حيث تؤدي إلى:
  2. الإضرار بالنزاهة الوظيفية: إذ تضعف ثقة المواطنين في المؤسسات العامة.
  3. إهدار المال العام: من خلال تقديم عقود ومزايا غير مستحقة لأفراد أو شركات.
  4. إضعاف التنمية الاقتصادية: إذ تؤدي إلى عرقلة الاستثمار نتيجة عدم تكافؤ الفرص.
  5. انتشار الفساد الإداري: مما ينعكس بشكل سلبي على بيئة العمل الحكومي والخاص.

وفي الختام قمنا بتلخيص حرص الأنظمة السعودية في مكافحة جريمة الرشوة، لما لها من آثار مدمرة على النزاهة والشفافية في القطاعين العام والخاص. وتشدد العقوبات على جميع الأطراف المتورطة لضمان ردع المخالفين وحماية المال العام، وبالإضافة إلى العقوبات المشددة، فإن النظام يوفر أيضًا فرصة الإعفاء لمن يبادر بالإبلاغ عن الجريمة قبل اكتشافها، مما يعزز من جهود مكافحة الفساد في المملكة.

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *