التسويات المالية لجرائم الفساد في المملكة العربية السعودية
الإطار القانوني لاتفاقيات التسوية المالية مع هيئة الرقابة ومكافحة الفساد
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمرا ملكيا يقضي بالموافقة على قواعد إجراء التسويات المالية مع مرتكبي جرائم الفساد من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية، تهدف هذه القواعد إلى تنظيم آلية التسوية واسترداد الأموال العامة وفق ضوابط ممنهجة تستهدف تحقيق المصلحة العامة فهي تعزز من ثقافة مكافحة الفساد وتحقيق العدالة.
تتولى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد مسؤولية إبرام التسويات المالية وفق شروط ومعايير محددة، وذلك مع الأفراد والكيانات الذين ارتكبوا جرائم فساد قبل تاريخ 15/2/1439هـ ولم يتم اكتشافها حتى الآن.
أولاً: الفئات المؤهلة لطلب التسوية
يحق للأفراد والكيانات تقديم طلبات التسوية وفق الحالات التالية:
- من ارتكبوا جرائم فساد قبل 15/2/1439هـ ولم تُكتشف بعد.
- من صدرت بحقهم أحكام قضائية في قضايا فساد.
- من يخضعون حاليًا للمحاكمة في تهم فساد.
- من بدأت ضدهم إجراءات تحقيق أو استدلال.
- من ارتكبوا جرائم فساد قبل اكتشافها بعد 15/2/1439هـ وقبل صدور القواعد.
ثانياً: شروط التسوية المالية
تشمل شروط التسوية المالية ما يلي:
- رد الأموال الناتجة عن الجريمة، بالإضافة إلى أي أرباح أو عائدات ترتبت عليها.
- دفع غرامة بنسبة 5% سنويا من قيمة المال منذ ارتكاب الجريمة حتى تاريخ السداد.
- تقديم معلومات جوهرية عن الجريمة المشمولة بالتسوية أو أي جرائم فساد أخرى ذات صلة.
ثالثاً: الإعفاء من غرامة (5%)
يُعفى من هذه الغرامة كل من تقدم بطلب التسوية خلال سنة واحدة من تاريخ صدور القواعد، وأوفى بجميع التزاماته الواردة في الاتفاق.
رابعاً: اعتماد اتفاق التسوية وتنفيذه
لتنفيذ اتفاق التسوية، يجب مراعاة ما يلي:
- اعتماد الاتفاق من رئيس وحدة التحقيق والادعاء الجنائي في الهيئة.
- تحديد مدة التنفيذ بحيث لا تتجاوز 3 سنوات، مع تحريك الدعوى الجزائية في حال الإخلال بالالتزامات.
- إيداع الأموال المستردة في الخزينة العامة للدولة.
خامساً: العقوبات وموانع تنفيذ التسوية
- في حال عدم تنفيذ الالتزامات بعد انتهاء المدة
إذا لم يلتزم المتهم بتنفيذ جميع شروط التسوية خلال المهلة المحددة، فإن وحدة التحقيق والادعاء الجنائي تباشر إجراءات الدعوى الجزائية العامة بحقه.
- في حال إخفاء معلومات عن الجريمة
إذا ثبت أن المتهم أخفى أي معلومات تتعلق بالجريمة محل التسوية أو جرائم فساد أخرى ذات صلة، فإن الهيئة تحرك الدعوى الجزائية العامة ضده مباشرة، حتى لو كان الاتفاق قد نُفذ، إلا إذا رأى رئيس الهيئة أن المصلحة العامة تقتضي الاستمرار في تنفيذ الاتفاق.
- الإعفاء من تنفيذ عقوبة السجن بعد التسوية
إذا صدر بحق المتهم حكم بالسجن ثم نفذ جميع التزاماته وفق اتفاق التسوية، فإنه يعفى من تنفيذ العقوبة أو مما تبقى منها ، لكن إذا ثبت بشكل لاحق أنه قام بإخفاء معلومات جوهرية عن الجريمة، تنفذ العقوبة أو يُستكمل ما تبقى منها.
سادساً: التسويات لمن ارتكبوا جرائم فساد بعد صدور القواعد
إذا ارتكبت جريمة فساد بعد صدور القواعد ولم تُكتشف بعد، يمكن للفاعل طلب التسوية قبل اكتشافها، وبعد موافقة الملك، يجوز تقديم طلب بتطبيق الحد الأدنى للعقوبة أو وقف تنفيذها، لكن لا يستفيد هؤلاء من الإعفاء من غرامة الـ 5%.
سابعاً: التقارير الدورية ومتابعة التنفيذ
يلتزم رئيس الهيئة برفع تقرير كل 6 أشهر إلى الملك، يتضمن:
- تفاصيل التسويات وعددها.
- المبالغ المستردة.
- مقترحات لمعالجة المستجدات المتعلقة بمكافحة الفساد.
ثامناً: عدم الإخلال بالتسويات السابقة
أي اتفاق تسوية مبرم قبل صدور هذه القواعد يظل نافذ، ولا يجوز الطعن فيه أمام أي جهة كما تعد الدعوى الجزائية منقضية بحق من نفذ جميع التزاماته وفق أي اتفاق سابق.
تاسعاً: بدء العمل بهذه القواعد
تُطبق هذه القواعد اعتبارا من تاريخ صدورها، وتُعد ملزمة لجميع الأطراف.
أهداف القواعد الجديدة
تهدف هذه القواعد إلى:
- تحفيز المتورطين في قضايا الفساد على التعاون ورد الأموال قبل اكتشاف الجرائم.
- ضمان استرداد الأموال العامة بفعالية دون اللجوء إلى إجراءات مطولة.
- تنظيم عمليات التسويات المالية وفق معايير قانونية واضحة.
- فرض العقوبات العادلة على من لم يلتزموا بالتسوية أو أخفوا معلومات جوهرية يمكن البدء منها في منع استمرار الفساد.
تعكس هذه القواعد خطوة استباقية للموازنة بين مكافحة الفساد وتعزيز الامتثال من خلال تبني آليات التسوية، حيث تمنح المخالفين فرصة لتصحيح أوضاعهم في مقابل ضمان استرداد الأموال العامة، كما توفر اطار قانوني واضح يحفظ حقوق الدولة ويمنع استغلال الثغرات القانونية من المفسدين مستقبلاً.
أكتب تعليقا