أشكال الفساد في المملكة العربية السعودية

3 فبراير, 2025

مفهوم وأشكال الفساد في المملكة العربية السعودية

الفساد هو ظاهرة عالمية تهدد التنمية واستقرار المجتمعات، إلا أن حدته وأشكاله تختلف من بلد إلى آخر بناءً على الأنظمة والبيئة الثقافية والاجتماعية السائدة..

ورغم أن الأسباب الرئيسية لظهور الفساد متشابهة بين المجتمعات، إلا أن بعض أشكاله وصوره في المملكة العربية السعودية لها طابع خاص يرتبط بطبيعة النظام الإداري والاجتماعي والاقتصادي. ومن هنا، تبرز أهمية دراسة الفساد في سياق المملكة، لفهم أسبابه وآثاره وطرق مكافحته بما يتناسب مع خصوصية المجتمع السعودي

تتطلب مكافحة الفساد فهم عميق لمعناه وأسبابه، مع تحديد أبرز صوره وأشكاله والآثار المترتبة عليه، سواء كانت سياسية، اقتصادية، أو اجتماعية. كما تقتضي هذه المكافحة اعتماد آليات فعّالة تتناسب مع طبيعة كل مجتمع، مع ضرورة بناء إرادة سياسية قوية وخلق وعي مجتمعي قادر على التصدي لهذه الظاهرة.

أولاً: تعريف الفساد

اختلفت التعريفات حول مفهوم الفساد، لكنه يُفهم بشكل عام على أنه خروج عن القوانين والأنظمة أو استغلال غيابها لتحقيق مصالح شخصية، سواء كانت سياسية، اقتصادية، أو اجتماعية. وقد عرّفت منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه: “كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة، أي أن يستغل المسؤول منصبه لتحقيق منفعة شخصية له أو جماعته”.

من خلال هذا التعريف، يتضح أن الفساد يرتبط بعاملين أساسيين:

  • مخالفة القانون والنظام: حيث يتضمن أفعال وسلوكيات مخالفة للقوانين والتعليمات ولا تنسجم مع القيم الأخلاقية السائدة.
  • سوء استخدام المنصب العام: بهدف تحقيق منافع شخصية أو ممتلكات خاصة مادية أو معنوية، مما يؤدي إلى الإضرار بالمصلحة العامة.

ثانياً: أشكال الفساد وسلوكياته

تتعدد أشكال الفساد، ومنها:

  1. الرشوة: الحصول على أموال أو منافع مقابل تنفيذ عمل مخالف للقوانين أو أصول المهنة، وهي شائعة في العديد من الدول.
  2. المحسوبية: تفضيل أشخاص أو جهات بسبب الانتماء العائلي أو الحزبي دون استحقاق، وتنتشر في المجتمعات العربية.
  3. المحاباة: تقديم خدمات أو تفضيلات لجهة معينة دون وجه حق.
  4. الواسطة :التدخل لصالح أفراد أو جماعات لتحقيق مكاسب شخصية دون مراعاة الكفاءة أو الأحقية، وهي شائعة في العالم العربي.
  5. تبديد وسرقة المال العام: الاستيلاء على أموال الدولة أو التصرف بها بشكل غير قانوني.
  6. الابتزاز للحصول على أموال أو خدمات بالإكراه أو التهديد.

صور وأشكال الفساد الشائعة في المملكة العربية السعودية

يمكن تحديد مجموعة من صور وأشكال الفساد التي واجهتها المملكة حديثا وهي كما يلي:

  1. استغلال المنصب أو المركز لتحقيق مصالح شخصية:

يعد استغلال المناصب العليا، مثل الوزراء والمستشارين، للحصول على عمولات مالية أو تسهيل منح امتيازات خاصة أبرز صور الفساد. يظهر ذلك في مشروعات الخدمات العامة والبنية التحتية، مثل مشاريع الطرق، والمياه، والكهرباء، والصرف الصحي، وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات. كما قد يظهر هذا النوع من الفساد في منح رخص استيراد المواد الأساسية دون الالتزام بالشروط القانونية، مما يضعف مبدأ المنافسة وتكافؤ الفرص.

  1. غياب النزاهة والشفافية في الطرح الحكومي:

قد يتمثل هذا في غياب العدالة والمساواة عند طرح العطاءات الحكومية، مثل منح عقود تنفيذ المشروعات لشركات لها صلات بمسؤولين، أو عدم اتباع الإجراءات القانونية المطلوبة، مثل الإعلان في المواقع الالكترونية وفتح المجال للمنافسة العامة.

  1. المحسوبية والمحاباة في التعيينات الحكومية:

تعد المحسوبية والواسطة في التوظيف من التحديات البارزة، حيث يتم تعيين أفراد في المناصب الحكومية بناء على العلاقات الشخصية أو الانتماء القبلي أو السياسي، بدلاً من الكفاءة، كما يمكن أن تشمل هذه الظاهرة توزيع مساعدات مالية أو عينية على فئات معينة لأغراض سياسية أو لتحقيق مكاسب شخصية.

  1. إهدار المال العام:

يتجلى ذلك في إعفاء بعض الأفراد أو الشركات من الضرائب أو الرسوم الجمركية دون وجه حق، أو منح إعفاءات استثنائية بهدف كسب ولاء شخصيات معينة أو تحقيق مصالح متبادلة. مثل هذه الممارسات تؤدي إلى حرمان خزينة الدولة من الإيرادات التي يمكن استخدامها لتحسين الخدمات العامة.

  1. سرقة الأموال والممتلكات العامة:

تتضمن هذه الظاهرة سرقة أموال الضرائب أو توزيع الموارد العامة على مشاريع وهمية غير موجودة على ارض الواقع، مما يؤدي إلى هدر الموارد وحرمان المواطنين من الاستفادة منها.

ثالثاً: الفساد بين الواقع ومحاولة المكافحة

تعد المملكة العربية السعودية من الدول التي أولت مكافحة الفساد اهتمام كبير في السنوات الأخيرة، خاصة بعد تأسيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، التي تهدف إلى تعزيز الشفافية ومساءلة المسؤولين، وتقديم تقارير دورية عن الجهود المبذولة. كما أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030 ساهمت في خلق بيئة أكثر صرامة تجاه الفساد، مع تطبيق إصلاحات قانونية وإدارية واسعة النطاق.

إن مكافحة الفساد في السعودية ليست مجرد مخالفة قانونية، بل هي جزء أساسي من عملية الإصلاح الوطني، التي تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز ثقة المواطنين والمستثمرين في مؤسسات الدولة.

بعض الأنظمة القانونية المعنية بمكافحة الفساد

  • نظام هيئة الرقابة ومكافحة الفساد الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/25) وتاريخ 1446/1/23هـ
  • نظام مكافحة الرشوة 1412 هـ الصادر بمرسوم ملكي رقم م/36 بتاريخ 29 / 12 / 1412
  • نظام مكافحة غسل الأموال 1439 هـ الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/20) وتاريخ 1439/2/5هـ
  • نظام وظائف مباشرة الأموال العامة 1436 هـ الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/18) بتاريخ 23 / 2 / 1436
  • نظام المنافسات و المشتريات الحكومية 1440هـ الصادر بمرسوم ملكي رقم ( م/128 ) وتاريخ 1440/11/13هـ

رابعاً: الهيئات الرقابية المختصة

  • هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة):

تأسست في عام 2011 كجهة مستقلة للتحقيق في قضايا الفساد تتمتع بصلاحيات واسعة للتحقيق مع المسؤولين العموميين والشركات.

  • ديوان المراقبة العامة (الديوان العام للمحاسبة):

يُشرف على التدقيق المالي والإداري للمؤسسات الحكومية لضمان الشفافية.

خامساً: الجهود التشريعية الحديثة

تم تبني عدد من المبادرات التشريعية لتعزيز مكافحة الفساد واهمها هي تعزيز حماية المبلغين عن الفساد وضمان سرية هويتهم

خامساً: الإنجازات المحلية والعالمية في مكافحة الفساد

  • الحملة الوطنية على الفساد

في عام 2017، أطلقت المملكة حملة شاملة ضد الفساد، شملت التحقيق مع عدد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال واسترداد مبالغ مالية تجاوزت 400 مليار ريال.

  • المؤشرات العالمية

شهدت المملكة تقدم قياسي في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، ما يعكس تحسن سريع وفعلي في البيئة التنظيمية.

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *