منازعات الأوراق المالية في السوق السعودية: معالجة تكميلية في مصادر النزاع وآليات المواجهة

19 أغسطس, 2025

المقدمة

تُعد السوق المالية أحد أكثر القطاعات عُرضة لظهور النزاعات النظامية، نظرًا لتعدد الأطراف وتداخل المصالح واختلاف مستويات المسؤولية. ومع تطور الأنظمة الرقابية، أصبحت هذه النزاعات أكثر تعقيدًا من حيث طبيعتها وأطرافها، سواء أكانت ناتجة عن ضعف في الهياكل المؤسسية، أو أخطاء في الإفصاح، أو ممارسات مالية غير مشروعة.

وفي ظل هذا الواقع، برزت الحاجة إلى دراسة أعمق لمصادر نشوء النزاع داخل السوق المالية، وفهم الآليات النظامية التي يمكن أن تساهم في الوقاية منها أو معالجتها بشكل مبكر. كما أن اتساع دور الجهات الرقابية وازدياد التدخل المبكر في مراحل التحقيق، خلق بيئة تنظيمية تستدعي وضوحًا أكبر في توزيع المسؤوليات وتحديد المسارات القانونية للتعامل مع هذه الحالات.

تهدف هذه الدراسة إلى معالجة الجوانب التكميلية المرتبطة بمصادر النزاع وآليات المواجهة، من خلال تسليط الضوء على أبرز أوجه القصور في الهياكل التنظيمية، واستعراض الأدوات الفنية والسلوكية للرقابة الاستباقية، بالإضافة إلى مناقشة الدور النظامي للمحامي في منازعات السوق، وتتبع طبيعة التقاضي وآليات التسوية، وانتهاءً برصد المخالفات التي تتصدى لها النيابة العامة، وتحليل الأثر المؤسسي والاجتماعي الذي تتركه هذه النزاعات على السوق وسمعته.


الفصل الأول: مصادر نشوء المنازعات داخل السوق المالية

1. ضعف الهياكل المؤسسية والرقابة الداخلية

يُعد ضعف الهياكل من أبرز الأسباب المؤدية إلى نشوء المنازعات داخل السوق المالية، حيث إنها تُعتبر الأداة الفعالة في تطوير السياسات في مختلف القطاعات وزيادة الكفاءة الإنتاجية. من هذا المنطلق، يُعد توفر نظام رقابة داخلية فعال أداة أساسية في حماية أصول الشركة من التلاعب أو الإهمال.

إذ تمكّن هذه الرقابة من الكشف المبكر عن الانحرافات، وتُعزز من دقة التقارير المالية وسلامة المعاملات، مما يسهم في تجنب النزاعات المستقبلية. بالتالي كلما كانت الرقابة الداخلية واضحة ومنظمة، كلما زادت قدرة الشركة على المحافظة على أصولها وحقوق مساهميها، بالإضافة إلى تقليل احتمالية نشوء منازعات قانونية.

حيث نصت المادة الخامسة من لائحة مؤسسة السوق المالية على مبدأين هامين مفادهما بأن حماية المستثمر تبدأ من تفعيل الرقابة الداخلية في مؤسسات الأوراق المالية نفسها ابتداءً وأخيرًا، بقولها:

  • فعالية الإدارة والرقابة، وذلك باتخاذ جميع الوسائل المعقولة لتنظيم شؤونها بمسؤولية وفعالية واعتماد سياسات ونظم ملائمة لإدارة المخاطر.
  • حماية أصول العملاء، وذلك بترتيب الحماية الكافية لأصول عملائها.
  • مثال: تأخر الشركات عن الإعلان عن القوائم المالية في الوقت المحدد، مما يتسبب في تعليق تداول أسهمها ليوم واحد. ويُعد هذا التصرف مؤشرًا على ضعف الرقابة الداخلية وسوء إدارة الالتزامات النظامية، وله أثر غير مباشر على حماية أصول العملاء من خلال التأثير على استقرار السوق وشفافيته، وما قد ينجم عن ذلك من أضرار مالية للمستثمرين.

2. دور الشركات المرخص لها في المخالفات

يُعتبر حصول الشركات على الترخيص إفادةً على صلاحيتها في ممارسة أعمال السوق المالية، وهذا يعني دخولها في طور مقتضيات ما يفرضه السوق المالي من ضوابط ومبادئ نظامية.

ومن ذلك، ما نصت عليه المادة الخامسة من لائحة مؤسسات السوق المالية على مبدأ جوهري مفاده أن على المؤسسة المرخص لها أن تمارس أعمالها بالمهارة والعناية والحرص والمهنية، وبما يتوافق مع الأنظمة واللوائح ذات العلاقة.

ويُعد هذا المبدأ من أسس الحوكمة الرشيدة، لما له من دور في تعزيز ثقة المستثمرين، وضمان قيام المؤسسات بواجباتها على أكمل وجه.

3. مسؤولية المستشار المالي أثناء الطرح والإصدار

يلعب المستشار المالي دورًا هامًا أثناء مراحل الطرح والإصدار في سوق الأوراق المالية، حيث يقع على عاتقه مسؤولية التأكد من سلامة ودقة كافة المعلومات والبيانات المقدمة للمستثمرين، فالمشورة التي يُفيد بها المستشار هي منطلق قرار المستثمرين في السوق المالية، ولا يجوز تقديمها إلا بعد حصوله على ترخيص صادر من الهيئة يفيد بصلاحية ممارسته لأعمال الأوراق المالية، وذلك حسب ما نصت عليه المادة (39) من لائحة قواعد طرح الأوراق المالية والالتزامات المستمرة.

وتأسيسًا على ما سبق، تتمثل مسؤوليات المستشار المالي أثناء الطرح والإصدار في:

  • مراجعة مستندات الطرح والإصدار: التأكد من أن جميع الوثائق المالية والتقارير القانونية والمعلومات الفنية صحيحة ومطابقة للمعايير النظامية، وعدم وجود أي معلومات مضللة أو ناقصة.
  • ضمان الشفافية والإفصاح الكامل: على المستشار المالي التأكد من أن كافة المخاطر المتعلقة بالاستثمار والطرح موضحة بشكل كامل وصريح للمستثمرين، مما يتيح لهم اتخاذ قرارات مبنية على فهم كامل للمخاطر والفرص.
  • حماية مصالح المستثمرين: العمل على ضمان عدم وجود تضارب مصالح، وعدم استغلال ثقة المستثمرين، مع الالتزام بمعايير السلوك المهني والأخلاقيات.
  • التنسيق مع الجهات المعنية: مثل هيئة السوق المالية، والبنوك، والجهات القانونية، لضمان أن عملية الطرح تسير وفق اللوائح والأنظمة المعمول بها.

المسألة التي تواجه المستشار المالي في هذه المرحلة هي أن المستثمرين يعتمدون عليه بشكل كبير بسبب قلة خبرتهم، ما يضع عليه عبئًا إضافيًا ليكون دقيقًا، نزيهًا، لتفادي وقوع المستثمرين في أي ضرر مترتب عن معلومات خاطئة أو مضللة صادرة منه.

4. الأعطال التقنية والتداول الإلكتروني

نظرًا لطبيعة التداول كونه إلكترونيًا، وذلك عبر شبكات الإنترنت الخاصة بشركات السوق المالية المرخص لها، يُعد نظام التداول الإلكتروني نظام اتصالات مباشر بين أطراف التداول، حيث يتم من خلاله إدخال أوامر البيع والشراء من قبل المتداولين، وتُبَث تلك الأوامر داخل النظام على شكل عروض وطلبات تُطابَق تلقائيًا بحسب ضوابط السوق.

إلا أنه قد يحدث أن يواجه المستثمرون أي عطل مفاجئ أو خلل في الاتصال في النظام الآلي للشركات بالسوق المالية، مما قد يحول دون تمكّن المستثمر من التصرف في أوراقه المالية، أو يؤدي إلى تنفيذ أوامر غير دقيقة أو في توقيت غير مناسب. هذه الإشكالية قد تُعرّض بعض المستثمرين للخسارة، مما يثير تساؤلات حول مدى مسؤولية الجهة المرخص لها، وحق المستثمر في التعويض، خاصة إذا ثبت أن الخلل كان نتيجة تقصير في الصيانة أو في توفر البدائل الفنية اللازمة.

ومن أبرز الأمثلة التطبيقية في هذه الحالة القرار الصادر من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية:

  • ثبت أن إحدى الشركات المرخص لها قد أخلّت بالتزاماتها النظامية الواردة في لائحة مؤسسات السوق المالية، وذلك بتأخرها غير المبرر في تنفيذ أمر نقل (50) سهمًا من أسهم شركة (أ) العائدة للمستثمر، من محفظته إلى محفظة أخرى داخل الشركة ذاتها، مما ترتب على ذلك ضررًا متمثلًا في عدم تمكنه من التصرف في تلك الأسهم، مما فوّت عليه فرصة تحويل الأسهم لبيعها وقت ارتفاع الأسهم.

واستغرقت عملية النقل (16) يومًا، في حين أن المدة المتعارف عليها، وفقًا لما استقر عليه قضاء اللجنة، لا تتجاوز يوم عمل واحد. وقد رأت اللجنة في هذا التأخير إخلالًا بمبدأ بذل العناية المطلوبة من الشخص المحترف، وقررت أحقية المستثمر في التعويض نتيجة ثبوت التقصير وتحقق الضرر، مما يعكس التطبيق العملي لنظرية المسؤولية التقصيرية في بيئة السوق المالية.

مما يُفيد المثال السابق بأنه يُشترط لقيام مسؤولية الشركة نتيجة الأعطال التقنية، أن تكون الأخيرة حالت دون تمكن المستثمر من إدخال أوامر البيع والشراء في الوقت المناسب.

5. التداول عبر المؤثرين والمنصات الرقمية

بادئ ذي بدء، يعتمد العديد من المستثمرين على المؤثرين في المنصات الرقمية، بمختلف أشكالها، في اتخاذ القرارات المالية، بل إن البعض يضعهم في موضع المستشار المالي، نظرًا لتفاعلهم المستمر وظهورهم المتكرر في تلك المنصات، مما يرسّخ ثقة المتابعين بهم ويُعزز من تأثيرهم على توجهات السوق.

إلا أن هذا الاعتماد قد يؤدي في حالات معينة إلى نشوء مخالفات أو منازعات نظامية، لاسيما عند وقوع أضرار نتيجة توصيات غير موثوقة.

وفي هذا المقام، فإن المنظم السعودي لا يُعد جميع التوصيات الصادرة عن المؤثرين مخالفة للأنظمة، بل يُشترط لتحقق المخالفة توافر أحد الأمرين الآتيين:

  • أن يكون المؤثر قد أصدر التوصية بنية التأثير العمدي على سعر الورقة المالية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. مثال ذلك: أن يقوم أحد المؤثرين بشراء كمية من أسهم شركة معينة، ثم ينشر عبر منصاته توصيات تدعو إلى شراء نفس السهم، مستخدمًا لغة توحي بقوة السهم وربحيته المرتقبة دون إفصاح عن ملكيته له، مما يؤدي إلى ارتفاع سعره بسبب تفاعل المستثمرين، ثم يقوم لاحقًا ببيع أسهمه محققًا أرباحًا على حساب الآخرين. يُعد هذا النمط من السلوك تلاعبًا متى ثبتت نية التأثير العمدي، ويقع تحت طائلة المساءلة النظامية.
  • أن يُقدم المؤثر توصيات أو تحليلات تُعد من أعمال الأوراق المالية دون الحصول على ترخيص من هيئة السوق المالية، وهو ما يُعد مخالفة صريحة لنص المادة (31) من نظام السوق المالية، التي أفادت بوجوب الحصول على الترخيص النظامي لكل من يمارس عملًا من أعمال الأوراق المالية، ويأتي ذلك حماية للمستثمر وضمانًا لشفافية السوق.

الفصل الثاني: آليات اكتشاف المخالفات والرقابة الاستباقية

1. أنظمة الرصد الفني والسلوكي لدى الهيئة

لهيئة السوق المالية في سبيل أداء عملها تنظيم ومراقبة أعمال ونشاطات الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة وإشرافها، وذلك من منطلق مبدأ تحقيق النزاهة والشفافية في السوق المالية، وذلك من خلال أنظمتها الفنية والسلوكية الفعالة لكشف عمليات التداول المريبة، ويظهر ذلك بعدة نواحٍ نذكرها على النحو الآتي:

  • يعتمد النظام لدى الهيئة على تقنيات تحليل متقدمة لرصد التداولات وكشف العمليات المريبة في السوق، حيث يشمل أدوات لعرض بيانات السوق ومتابعة الأوراق المالية بدقة وفعالية.
  • يحتوي على إمكانيات إصدار تنبيهات فورية عن السلوكيات المشتبه بها أثناء التداول.
  • يوفر تقارير تمكّن الهيئة من جمع الأدلة وإثبات المخالفات المحتملة.
  • يُصدر النظام قرابة 200 تنبيه يوميًا، تشير إلى حالات يُحتمل وجود تلاعب فيها، وتبقى هذه التنبيهات قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس، وتخضع للتحليل والدراسة من قبل الفريق المختص في الهيئة.

2. أنواع البلاغات (داخلية، خارجية، تحليلية)

لا تُعد البلاغات التي تتعامل معها هيئة السوق المالية على منهجية واحدة، بل إنها تختلف بحسب مصدرها، حيث إنها قد تأتي من مصدر داخلي أو خارجي. فالأولى يُعنى بها تلك التي تنشأ من داخل الهيئة وأنظمتها كالتنبيهات الصادرة عن النظام الرقابي بشأن تداولات مريبة، أما الأخيرة، سُمّيت بذلك كونها أتت من مصدر خارج الهيئة كالمستثمر أو المتعاملين في السوق أو غيرها من الجهات الرقابية الأخرى.

ومن ناحية البلاغات التحليلية، فهي تُعتبر نتاج التحليل الفني والسلوكي الذي تقوم به الهيئة، حيث تعتمد على مراجعة التداول وربطه بالأحداث المؤثرة في السوق، وتُعد من الأدوات التي قد تؤدي إلى فتح تحقيقات نظامية.

وتتلقى الهيئة البلاغات من خلال عدة قنوات، وهي على النحو الآتي:

  • الموقع الإلكتروني للهيئة.
  • كتاب مسجل عن طريق البريد.
  • الحضور إلى مقر الهيئة.
  • الاتصال الهاتفي.
  • التطبيق الإلكتروني لحماية المستثمر.
  • أي وسيلة أخرى تحددها الهيئة.

3. مصادر المخالفة: الإفصاحات، الشكاوى، أوامر التداول

تتنوع مصادر المخالفة بين الإفصاحات، والشكاوى، وأوامر التداول، حيث تُشكّل بدورها الكشف عن المخالفات في سوق المال، مما يفتح المجال للهيئة لإجراء التحقيق حيالها. ومن هذا المنطلق، نذكر مصادر المخالفات وذلك على النحو الآتي:

  • الإفصاح: يُعتبر الإفصاح من الالتزامات النظامية التي نصت عليها المادة (46) من نظام السوق المالية، والتي أوجبت على المصدر والشخص المطلع الإفصاح عن المعلومات الجوهرية التي تؤثر في قرارات المستثمرين أو في سعر الورقة المالية، ويُعد الإخلال بهذا الالتزام مخالفة تستوجب التحقيق والمساءلة النظامية.

وبناءً على ذلك، تقوم هيئة السوق المالية برصد الإفصاحات المنشورة وتحليلها، وعند وجود ما يثير الاشتباه، تطلب الهيئة إيضاحات من قِبل المسؤول أو تباشر إجراءات التحقيق بصورة غير معلنة، تمهيدًا للإحالة إلى لجنة الفصل إذا رأت لذلك مقتضى.

  • الشكاوى: تُعتبر الشكاوى أولى خطوات الكشف عن الممارسات المخالفة، وهي المقدمة من المستثمرين أو من الجهات ذات العلاقة، وبموجبها تقوم الهيئة بالتحقق من صحة الشكوى وفتح تحقيق بشأنها، إذا توافرت قرائن تدعم وقوع المخالفة، وفقًا لما تُقرره قواعد تقديم الشكاوى إلى الهيئة.
  • أوامر التداول: لأوامر التداول دور هام في الكشف عن الممارسات المخالفة ورصدها، من خلال الأنظمة الآلية الرقابية للهيئة، حيث تُستخدم تقنيات تحليل متقدمة لرصد التداولات المتكررة المريبة التي تدور بين أطراف محددة، أو إدخال أوامر بهدف التأثير على السعر دون نية تنفيذها، أو غيرها من صور التلاعب أو التداول بناءً على معلومات داخلية.

وتُعد هذه الأوامر قرينة فنية تستند إليها الهيئة لبدء التحقيق في المخالفة، حيث نصّت المادة (49) من نظام السوق المالية على: حظر إدخال أمر أو تنفيذ صفقة تعطي معلومات غير صحيحة أو مضللة بشأن الورقة المالية، كما تُحظر تداول أي شخص بناءً على معلومات داخلية لم تُعلن بعد، حيث يُعتبر ذلك إخلالًا بمبدأ العدالة والمساواة في السوق.

4. التحقيقات غير المعلنة ومسار الإحالة

تُعد سرية الإجراءات من المبادئ الجوهرية التي تراعيها هيئة السوق المالية في سياق التحقيق في المخالفات، ويأتي ذلك من منطلق الحرص على الحفاظ على نزاهة السوق ومنع انتشار الشائعات أو التأثيرات السلبية على التداول، وتبدأ هذه الإجراءات منذ تقديم الشكوى إلى الهيئة، سواء كانت الشكوى تتضمن تظلمًا أو طلبًا لاسترداد حق أو دفعًا لعدوان على حق قائم. ويُشترط قبل الإحالة إلى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية أن تمر الشكوى أو المعلومة المرصودة بعدة مراحل نظامية تضمن عدالة الإجراء وسلامته.

ويمر التحقيق داخل الهيئة بمسار منهجي وفقًا للصلاحيات الممنوحة لها، ويتضمن ما يلي:

  • فتح التحقيق بعد رصد المخالفة المحتملة، سواء من خلال الإفصاحات أو الشكاوى أو أنماط أوامر التداول المريبة.
  • جمع الأدلة والبيانات ذات العلاقة، بما في ذلك استدعاء الأطراف، والاستماع لأقوالهم، والاطلاع على المستندات والدفاتر والسجلات.
  • تقييم نتائج التحقيق داخليًا عن طريق الإدارة القانونية أو الإدارة المختصة داخل الهيئة.
  • إحالة المخالفة إلى لجنة الفصل، إذا رأت الهيئة وجود شبهة تستدعي المساءلة والسير في إجراءات رفع الدعوى.

الفصل الثالث: دور المحامي النظامي في منازعات السوق

1. التدخل المبكر بعد الإخطار أو الاستدعاء

أولى خطوات الدفاع الفعّال في المنازعات المالية تبدأ بتمكين المحامي من التدخل في وقت مبكر من مجريات النزاع، وذلك منذ لحظة تلقي المستثمر أو الشركة إشعارًا يتضمن استدعاءه أو طلب حضوره من قبل الجهة المختصة.

ويشمل دور المحامي في هذه المرحلة:

  • كتابة الردود النظامية أثناء التحقيق، بما يضمن عرض الوقائع بشكل قانوني دقيق، وتفنيد ما قد يُنسب إلى موكله.
  • بناء استراتيجية دفاع فعالة أمام لجنة الفصل، تعتمد على تحليل الأدلة والعثور على الثغرات النظامية، وبناءً على ذلك يُقدم الدفوع المنتجة بالدعوى، ومن ذلك إثبات توافر كامل عناصر المسؤولية من ارتباط الخطأ بالفعل الضار، مما يُوجب ذلك تعويض المتضرر، وفق المبدأ القضائي الذي ينص على:

“خطأ المدعى عليه لا يؤسس بمفرده التعويض ما لم يقم المدعي بإثبات أن هذا الخطأ ألحق به ضررًا، وأن العلاقة قائمة بين الضرر وخطأ المدعى عليه”.

مثال: عطل تقني حال دون تنفيذ أمر شراء، ودور المحامي في حماية المستثمر

  • الوقائع: حاول أحد المستثمرين إدخال أمر شراء عاجل عبر النظام الآلي لشركة وساطة مرخصة، إلا أن نظامها تعرض لعطل تقني مفاجئ حال دون تنفيذ الأمر في التوقيت المحدد، مما فوّت على المستثمر فرصة الشراء بسعر أقل، وتسبب له في خسارة مالية محتملة نتيجة ذلك، كون سعر السهم ارتفع في فترة العطل التقني.
  • تدخل المحامي: عند مراجعة الحالة، يظهر دور المحامي في النقاط الآتية:
  1. جمع الأدلة التقنية (مثل توثيق وقت العطل، وسجلات الدخول).
  2. تحليل لوائح السوق المالية ذات الصلة، وإبراز أن الشركة أخلّت بالتزامها.
  3. صياغة شكوى نظامية ورفعها إلى هيئة السوق المالية أو لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية، تتضمن إثبات:
  • وقوع الخطأ (العطل).
  • وجود ضرر فعلي (خسارة فرصة استثمارية).
  • العلاقة السببية بين الخطأ والضرر.
  1. بناء استراتيجية قانونية لإثبات الضرر عبر تقديم مقارنة بين السعر وقت إدخال الأمر والسعر بعد استقرار النظام.
  • النتيجة المحتملة: بعد تقديم الأدلة والتحليل النظامي، تُرجّح لجنة الفصل ثبوت مسؤولية الشركة، مما يستدعي الحكم بالتعويض لصالح المستثمر، وذلك بناءً على تحقق أركان المسؤولية التقصيرية.

2. الطعن أمام لجنة الاستئناف ومرافعة القضايا ذات الطابع الفني

قرر المنظم السعودي للمتعاملين في سوق المال الحق في الطعن على قرارات لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية أمام لجنة الاستئناف، ويكون ذلك خلال المدة النظامية المحددة (30 يومًا من تاريخ التبليغ)، وتختص لجنة الاستئناف بإعادة النظر في القرارات محل الطعن من حيث الشكل والموضوع، ولها تأييد القرار، أو تعديله، أو إلغاؤه بشكل كلي أو جزئي.

مما قد يسهم ذلك، في تصحيح الأوضاع النظامية المترتبة على القرارات الصادرة من لجنة الفصل، لاسيما إن تم الاستعانة بمحامٍ متخصص يتولى عرض الجوانب الفنية لموضوع الدعوى محل النظر، والالتزام بالأمور الشكلية والموضوعية لقبولها.


الفصل الرابع: منازعات جماعية وتسويات بديلة

1. دعاوى المستثمرين الجماعية (الشروط والآثار)

في النظام المالي السعودي، أُتيحت للمستثمرين وسيلة قانونية تُعرف بالدعوى الجماعية، حيث سُمّيت بذلك كونها أُقيمت من مجموعة من المدّعين ضد مُدّعى عليه أو أكثر، يُشترط لقبولها اشتراك دعوى المدّعين في الأسس النظامية، والوقائع المُدّعى بها، وموضوع الطلبات، حيث إنها تُستخدم عندما يتعرض عدد من المستثمرين لأضرار متشابهة نتيجة نفس المخالفة النظامية.

وتتمثل آلية رفعها في عدة نقاط، نذكرها على النحو الآتي:

  • تقديم طلب تقييد الدعوى الجماعية.
  • انتظار الإعلان عن قبول طلب تقييد الدعوى الجماعية.
  • اختيار أعضاء مجموعة المدّعين، للمدّعي الرئيسي في ضوء معايير محددة، وبدء النظر في الدعوى الجماعية من قبل اللجنة.
  • انتهاء الدعوى من خلال التسوية أو من خلال الانسحاب، أو من خلال صدور قرار نهائي فيها من اللجنة.

وتكمن أهمية هذا النوع من الدعاوى في أنها تمنح صغار المستثمرين تحديدًا القدرة على المطالبة بحقوقهم بطريقة أكثر كفاءة، دون الحاجة لتحمل أعباء التقاضي الفردي، سواء من ناحية الوقت أو التكاليف. كما أن لها تأثيرًا رادعًا للمخالفين في السوق، إذ ترفع من احتمال المساءلة النظامية.

2. التحكيم المالي والتسوية الودية (تواصل، تراضي)

مع تطور أسواق المال وتعقد النزاعات المرتبطة بها، ظهرت الحاجة إلى آليات بديلة عن المسار القضائي، يأتي في مقدمتها التحكيم المالي، الذي يتيح للأطراف اللجوء إلى هيئة محايدة، للفصل في النزاع بسرعة وسرية. حيث يُعتبر التحكيم خيارًا فعّالًا في كثير من القضايا ذات الطبيعة الفنية أو التجارية الخاصة، التي قد لا تُناسب الإجراءات القضائية المعتادة.

أما التسوية الودية، فهي تعتمد على الحوار المباشر أو من خلال وسطاء قانونيين، بهدف التوصل لحل يرضي جميع الأطراف دون اللجوء للقضاء، الذي يمر بإجراءات طويلة ومكلفة على عكس الصلح تمامًا، بالإضافة إلى أنه يُعزز من فرص الحفاظ على العلاقات المهنية، كونه يُعتبر وسيلة من الوسائل الفعالة في نزع المشاحنة بين الأطراف.

3. مقارنة بين اللجان القضائية وبدائل الفصل

على الرغم من دور اللجان القضائية النظامي الأساسي، قد تتطلب إجراءات طويلة ومعقدة، وقد تؤدي التكاليف المرتفعة وطول فترة التقاضي إلى تقليل فاعلية الإنصاف، لاسيما في النزاعات الصغيرة أو المتكررة.

في المقابل، تتيح البدائل مثل التحكيم والتسوية قدرًا أكبر من المرونة والخصوصية، إضافة إلى سرعة الحسم، خصوصًا في المسائل ذات الطابع الفني أو التقني. كذلك، فإن تقبل هذه الوسائل البديلة يعكس رغبة الأطراف في حل النزاعات من خلال التسوية القضائية.


الفصل الخامس: أبرز المخالفات التي تتصدى لها النيابة العامة في السوق المالية السعودية

مع تزايد الإقبال على الاستثمار في السوق المالية وتوسع نشاط التداول، ظهرت العديد من الممارسات المخالفة لنظام السوق المالية التي تؤثر على نزاهة السوق وسلامة التداول، مما يؤدي إلى انتباه النيابة العامة، وتصديها لها بتوجيه أوجه الاتهام المختلفة، لاسيما تلك المخالفات التي تنطوي على الشق الجنائي، التي تأتي تحت مفهوم التلاعب والتضليل، المتعددة صورهما.

من هذا المنطلق، نتصدى لأبرز تلك المخالفات التي تُعد محل نظر النيابة العامة في السوق المالية، ونُحلّل طبيعتها النظامية.

أولًا: ممارسة نشاط الإدارة دون الحصول على ترخيص

رغم تعدد أنشطة الأوراق المالية واختلاف صورها، من تعامل وترتيب وتقديم مشورة وإدارة، إلا أن ما يجمع بينها هو اشتراط حصول مقدم النشاط على ترخيص صادر من هيئة السوق المالية، وذلك وفقًا لما نصت عليه المادة (31) من نظام السوق المالية.

وتُعد ممارسة نشاط الإدارة دون ترخيص من أبرز المخالفات النظامية. ومن التطبيقات العملية على ذلك ما صدر عن لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية من قرار جزائي بحق أحد الأشخاص، بعد إحالته من النيابة العامة، إثر قيامه باستلام مبالغ مالية من عدة أشخاص بهدف المضاربة نيابة عنهم، دون حصوله على ترخيص من الهيئة.

وقد عدّت النيابة العامة هذا التصرف من قبيل ممارسة أعمال الإدارة، إلا أن اللجنة رأت خلاف ذلك، إذ بيّنت أن المدعى عليه قام بتشغيل المبالغ في محفظة استثمارية تعود ملكيتها له شخصيًا، وليست للغير. وبناءً عليه، رأت الدائرة أن هذا الفعل لا يرقى إلى وصف نشاط الإدارة، وفقًا لما نصت عليه المادة (5) من لائحة أعمال الأوراق المالية، والتي عرّفت الإدارة بأنها: “أن يدير شخص ورقة مالية عائدة لشخص آخر في حالات تستدعي التصرف بحسب التقدير…”.

وبالمقابل، رأت الدائرة أن وصف النشاط الأقرب لسلوك المدعى عليه هو “التعامل بصفة وكيل” وبصورة تجارية، وهو أحد الأنشطة التي يُشترط النظام ممارستها بترخيص من هيئة السوق المالية.

ثانيًا: ممارسة نشاط تقديم المشورة دون الحصول على ترخيص

تُعد من أبرز المخالفات التي حركت النيابة العامة بشأنها الدعوى الجزائية العامة، ممارسة نشاط تقديم التوصيات بشأن البيع والشراء في السوق المالية السعودية دون ترخيص نظامي، سواء تمت ممارسة هذا النشاط داخل المملكة أو خارجها، وهو ما يُشكّل مخالفة صريحة لنظام السوق المالية.

حيث نصّت المادة الحادية والثلاثون من النظام على أنه: “لا يجوز لأي شخص ممارسة أي من الأعمال المنصوص عليها في المادة الثانية والثلاثين من هذا النظام داخل المملكة أو الادعاء بممارستها، ما لم يكن حاصلًا على ترخيص من الهيئة بذلك، حتى لو كانت الورقة المالية ذات الصلة بتلك الأعمال مُدرجة أو متداولة في سوق مالية منظمة خارج المملكة”.

وفي هذا السياق، حركت النيابة العامة الدعوى الجزائية العامة ضد إحدى الشركات الأجنبية، مقرها جمهورية مصر العربية، بعد قيامها بممارسة أعمال الأوراق المالية، متمثلة في تقديم المشورة، والإعلان عن نشاطي الإدارة وتقديم المشورة، دون الحصول على الترخيص المطلوب من هيئة السوق المالية.

وقد تمثل النشاط المخالف في تقديم خدمات الاستشارات المالية والتداول داخل السوق المالية السعودية، إضافة إلى الإعلان عن تلك الخدمات عبر موقعها الإلكتروني وقنوات إلكترونية أخرى.

وتأسيسًا على القواعد النظامية، لا تقوم الجريمة إلا بتوافر أركانها النظامية، وقيام الأدلة المعتبرة التي تدعم جانب الاتهام.

ومن خلال ذلك، يمكن تلخيص أوجه الاتهام في أمرين رئيسيين:

  1. ممارسة أحد أنشطة الأوراق المالية المنصوص عليها نظامًا.
  2. عدم الحصول على ترخيص نظامي من هيئة السوق المالية.

ثالثًا: ممارسة أعمال الأوراق المالية على أسهم الشركات المدرجة في السوق المالية مقابل نسبة من الأرباح

لا يُشترط توافر عنصري الاحتراف والاستمرارية لاعتبار ممارسة أعمال الأوراق المالية ذات صفة تجارية، إذ استقر قضاء لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية على أن الصفة التجارية تُستخلص من أي وقائع أو قرائن من شأنها أن تُكوّن قناعة لدى اللجنة بأن النشاط قد مُورس بصفة تجارية.

وتستمد هذه القناعة من عدة مظاهر، منها: شخص المخالف، وسلوكه، والمظهر الذي ظهر به أثناء ممارسة النشاط، إضافة إلى المقابل المالي العائد عليه.

ومن التطبيقات العملية على ذلك، قيام أحد المدعى عليهم بممارسة نشاط تقديم المشورة في أسهم الشركات المدرجة، إلى جانب إدارة محافظ استثمارية، دون أن يكون مُرخصًا له بذلك من هيئة السوق المالية.

وقد ثبت للجنة أنه قام بهذه الأعمال بصفة تجارية، وذلك من خلال محضر التحقيق، واعترافه الوارد في مذكرته الجوابية، حيث أقر بتقديم المشورة لمستثمرة في السوق المالية.

رابعًا: إدخال الأوامر دون نية التنفيذ

يُعد إدخال أوامر البيع والشراء في نظام التداول دون وجود نية حقيقية لتنفيذها من أبرز صور التلاعب في السوق المالية، حيث نصت المادة التاسعة والأربعون على هذه المخالفة بقولها: “يُعد مخالفًا لأحكام هذا النظام أي شخص يقوم عمدًا بعمل أو يشارك في أي إجراء يُوجد انطباعًا غير صحيح، أو مُضلل بشأن السوق، أو الأسعار، أو قيمة أي ورقة مالية، بقصد إيجاد ذلك الانطباع، أو لحث الآخرين على الشراء أو البيع أو الاكتتاب في تلك الورقة، أو الإحجام عن ذلك أو لحثهم على ممارسة أي حقوق تمنحها هذه الورقة، أو الإحجام عن ممارستها.”.

بالتالي جاء نص المادة أعلاه، بصيغة شاملة، منعًا لأي شكل من أشكال التلاعب والتضليل عند تداول الأوراق المالية، مما يترك للجهة المختصة السلطة التقديرية في توصيف السلوك المرتكب، واعتباره صورة من صور التلاعب والتضليل يستوجب المساءلة النظامية في ضوء نظام السوق المالية.


الفصل السادس: الأثر المؤسسي والاجتماعي للمنازعات النظامية

1. الضرر على سمعة الشركة ومركزها السوقي

تلعب سمعة الشركات دورًا جوهريًا في استقطاب المستثمرين، ويترتب على تدهورها جراء مخالفة نظامية ما يلي:

  • ضعف الثقة في الشركة من قِبل المستثمرين الحاليين.
  • عزوف المستثمرين الجدد عن الدخول في استثمارات مستقبلية.
  • انخفاض القيمة السوقية للشركة بشكل ملحوظ.
  • امتداد الأثر إلى التسبب في أضرار مؤسسية عميقة تتجاوز العقوبات المالية.
  • احتمالية وصول الوضع إلى مرحلة التصفية إذا تفاقمت الآثار ولم يتم معالجتها.

2. التأثير على استقرار السوق وثقة المستثمرين

يُعتبر تزعزع استقرار السوق بمثابة اختلال لثقة المستثمرين في نزاهته ومدى شفافيته، حيث إن المستثمرين يعتمدون بدرجة كبيرة على وضوح الأنظمة وعدالتها لحماية استثماراتهم.

بناءً على ما سبق، فإنه في حال حصول مخالفة نظامية من قبل أحد كبار التنفيذيين أو المستثمرين، فإن ذلك يؤثر سلبًا على سمعة السوق، مما قد يؤدي إلى تراجع حجم التداول وانخفاض مساهمة السوق في دعم الاقتصاد الوطني.

3. الأثر المهني والنفسي على المسؤول المتهم

ما يواجهه المسؤول المتهم في قضايا السوق المالية لا يقتصر فقط على العقوبة، بل يعقبه آثارًا مهنية ونفسية تقع على المسؤول المتهم، تتأثر سمعته ووظيفته بشكل كبير، حيث يُعتبر مجرد التحقيق معه يمكن أن يؤدي إلى اختلال ثقة الناس فيه، وتترتب عقوبات تأديبية عليه، أيضًا، كثير من الشركات أو الجهات قد تتردد في توظيفه مستقبلًا لمجرد وجود اسمه في تحقيق، وأيضًا لا يخفى علينا الآثار النفسية التي تعقب إجراءات التحقيق على المسؤول المتهم.

4. التوصيات النظامية لتعزيز بيئة الامتثال والحماية

للحد من الآثار الناتجة عن المخالفات في السوق المالية السابق التطرق إليها، يوصى بما يلي:

  1. تعزيز الحوكمة داخل الشركات المدرجة، وذلك بإلزامها بتطبيق ممارسات فعالة للرقابة الداخلية.
  2. تحديث الأنظمة واللوائح التنظيمية بشكل دوري، بما يواكب تطورات السوق، ويمنع ظهور ثغرات تنظيمية يمكن استغلالها.
  3. تسريع آلية التحقيق والفصل في القضايا ذات الصلة بالمخالفات، لتقليل الأثر السلبي الإعلامي على السوق والمتعاملين فيه.
  4. توعية المستثمرين بأدوات الحماية القانونية، مثل تفعيل الدعاوى الجماعية، وتسهيل إجراءات التظلم والشكوى أمام الجهات المختصة.

الخاتمة

يظهر من القرارات الصادرة عن لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية أن بيئة السوق المالية ليست بمنأى عن المخالفات، التي قد تتنوع في صورها، بدءًا من الإفصاحات المضللة، ومرورًا بالتلاعبات السلوكية في أوامر التداول، وانتهاءً بإخلالات جسيمة من أطراف يُفترض فيهم الأمانة والملاءمة، وهذه المخالفات لا تضر فقط بالشركات أو المستثمرين كأطراف مباشرة، بل تمس استقرار السوق وثقة الجمهور، وهو ما يمثل تهديدًا لمبدأ العدالة والكفاءة والشفافية التي يُبنى عليها سوق المال.

ولمواجهة هذه التحديات، جاء النظام السعودي بمجموعة من الحلول النظامية الرادعة والوقائية، من خلال أدوات مثل: نظام السوق المالية، ولوائح هيئة السوق المالية، ومهام لجان الفصل. حيث أتاحت هذه الأنظمة آلية فعالة للتحقيق، وضمان سرية الإجراءات، وتدرّج الإحالة، والتوسع في مفهوم المسؤولية بما يحقق الردع العام ويمنع تكرار المخالفات.

كما أن دور الجهات الرقابية والمهنية يُعزز بشكل ملحوظ، سواء عبر الرصد التقني المبكر للمخالفات، أو عبر تفعيل قنوات الإفصاح والشكوى، أو حتى من خلال ما تقوم به شركات المحاسبة والاستشارات القانونية من مهام توعية وتقييم داخلي.

وفي ضوء ما سبق، يظهر أن تعزيز الرقابة والشفافية ليس مجرد التزام نظامي، بل هو ضمان استباقي لتفادي النزاع من جذوره، وتحقيق توازن بين حماية المستثمر، وضمان عدالة المنافسة، وصون سمعة السوق المالي السعودي، وجاذبيته الاستثمارية على المدى البعيد.


قائمة المراجع والمصادر:

أولًا: الأنظمة واللوائح

  • نظام السوق المالية، الصادر بقرار مجلس الوزراء، رقم (210) بتاريخ 1424/2/6هـ.
  • لائحة مؤسسات السوق المالية، الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية، بموجب القرار رقم 2005-83-1 وتاريخ 1426/5/21هـ.
  • لائحة الإبلاغ عن مخالفات نظام السوق المالية، بموجب القرار رقم 2021-135-2 بتاريخ 1443/5/9هـ.
  • لائحة أعمال الأوراق المالية، الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية، بموجب القرار رقم 2005-83-2 وتاريخ 1426/5/21هـ الموافق 2005/6/28م بناءً على نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/30 وتاريخ 1424/6/24هـ المعدلة بقرار مجلس هيئة السوق المالية رقم 2020-75-2 وتاريخ 1441/12/22هـ الموافق 2020/8/22م.
  • لائحة قواعد طرح الأوراق المالية والالتزامات المستمرة، بموجب القرار رقم 2017-123-3 وتاريخ 2017/12/27م.
  • لائحة إجراءات الفصل في منازعات الأوراق المالية، الصادرة عن مجلس الهيئة، بموجب القرار رقم 2011-4-1 وتاريخ 1432/2/19هـ.

ثانيًا: قرارات لجان الفصل في منازعات الأوراق المالية

  • قرار رقم: 2951/ل/2020 لعام 1442هـ، احتيال وتلاعب في السوق المالية.
  • قرار رقم: 4039/ل/د/2 2022 لعام 1444هـ، ممارسة أعمال الأوراق المالية من دون ترخيص.
  • قرار رقم: 3737/ل/د/1 2022 لعام 1443هـ، ممارسة أعمال الأوراق المالية من دون ترخيص.
  • قرار لجنة الفصل النهائي برقم 5456/ل/د/2 2024ن لعام 1446هـ، توصيف: نظام تداول.

ثالثًا: الدوريات

  • الجبوري، نصير. “التزامات المستشار في سوق الأوراق المالية (دراسة تحليلية في ضوء التشريع العراقي والإماراتي والأمريكي)”، (32).227-20.

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *