مدى كفاية الضمانات النظامية لحماية حقوق الأفراد في نزع الملكية للمنفعة العامة

19 أغسطس, 2025

المقدمة

يعتبر حق الملكية من الحقوق الأصيلة التي كفلها النظام السعودي والشريعة الإسلامية لصاحبها، ولا يجوز نزعها من صاحبها إلا تحقيقاً لغاية وحيدة وأساسية وهي تحقيق المنفعة العامة، إلا أن حق صاحب العقار قد يتعرض إلى إجراءات تهدد ملكيته خاصة، بدايةً من صدور قرار إداري بنزع ملكيته إلى تحديد تعويضاً جبراً للضرر الواقع عليه جراء ذلك. فالمسألة لا تتعلق دائماً بمشروعية قرار النزع فقط، أو بغياب التناسب بين المنفعة العامة والضرر الواقع على المالك، التي بدونها لا يقوم قرار ولا ينفذ، وهو ما يجعل من هذه المقالة القانونية محاولة لفهم المسألة من حيث مشروعية القرار، وذلك من مدى توافر الشروط النظامية والإجرائية، حتى يكون صاحب العقار حاضراً بوعي قانوني يُمكنه من الدفاع عن ملكيته، وفهم موقفه النظامي تجاه القرار.

مدى كفاية الضمانات النظامية لحماية حقوق الأفراد في نزع الملكية للمنفعة العامة

لا يعد قرار نزع الملكية من صاحب العقار من الإجراءات العادية، بل يعتبر من القرارات الإدارية التي تمس الحماية الخاصة لمالك العقار، الأمر الذي يقضي إلى خضوعه إلى الضوابط والإجراءات النظامية، وإلا عد قراراً باطلاً كأن لم يكن. فصاحب العقار عندما يواجه القرار الصادر بنزع ملكيته، فإن إدراك صاحب العقار لما قرره النظام في هذا الشأن يعد أمراً في غاية الأهمية، لما له من دور في حفظ حقوقه بما يتفق مع أحكام النظام. وبناءً على ذلك، يشترط لصحة قرار نزع الملكية للمنفعة العامة توفر عدة من الشروط، تتمثل في الآتي: -أن يكون صادراً من الجهة المختصة، والمتمثلة في الأشخاص المعنوية العامة وحدها دون غيرها. -أن ينصب القرار على الأموال العقارية المملوكة لأحد أشخاص القانون الخاص. -أن يكون الغرض من نزع الملكية تحقيق المصلحة العامة، باعتبارها الغاية الوحيدة التي تبرر هذا الإجراء. -أن يقابل نزع الملكية تعويضاً عادلاً يُمنح لصاحب العقار المنزوعة ملكيته. وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة الأولى من نظام نزع الملكية للمنفعة العامة بقولها:” يجوز للوزارات والمصالح الحكومية وغيرها من الأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة نزع ملكية العقار للمنفعة العامة لقاء تعويض عادل، بعد التحقق من عدم توفر الأراضي والعقارات الحكومية التي تفي بحاجة المشروع. ولا يجوز نزع ملكية عقار إلا لتنفيذ مشروع معتمد في الميزانية”. ومن زاوية أخرى فإن الإجراءات المتخذة للبدء في نزع العقار من صاحبه، تعد حجر الأساس في اعتبار القرار مشروعاً أو بطلانه بطلاناً شكلياً، وتتمثل هذه الإجراءات كما نصت المادة الخامسة من النظام في النقاط الآتية:

  • أن يصدر قرار الموافقة ممن يعتبر اختصاصاً يعود إليه في الجهة صاحبة المشروع، سواء كان وزير مختص أو رئيس مصلحة حكومية أو مجلس إدارة الجهاز ذي الشخصية المعنوية العامة أو من ينيبونهم. -أن يرفق بالقرار نسخة من مخطط المشروع المقترح نزع الملكية لأجل تنفيذه، وتبلغ البلديات وكتاب العدل والجهات المختصة الأخرى بذلك. -أن ينشر قرار الموافقة في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين من الصحف اليومية التي توزع في المنطقة. كما تلصق صورة من الإعلان في مقر الجهة صاحبة المشروع، وفي مقر المشروع، وفي المحكمة، وفي الإمارة أو المحافظة أو المركز، وفي البلدية التي يقع العقار في دائرة اختصاصها. وعلاوةً على ذلك، تلتزم الجهة صاحبة المشروع بتشكيل لجنتين: •اللجنة الأولى: تتكون من ممثلين عن الإمارة والبلدية، وتُناط بها مهمة معاينة العقارات المقرر نزع ملكيتها، والدخول إليها، وإعداد محاضر تفصيلية بوضعها القائم. •اللجنة الثانية: وهي لجنة التقدير، وتُشكل من أهل الخبرة، وتتولى تقدير التعويض المستحق، مع مراعاة الالتزام بالآجال التالية: .1أن يُباشر تقدير التعويض خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الموافقة على البدء في إجراءات نزع الملكية. .2أن تنتهي اللجنة من أعمال التقدير خلال مدة لا تتجاوز تسعين يوماً من تاريخ القرار ذاته، ما لم تطرأ أسباب جوهرية تُعيق ذلك، وفي هذه الحالة تُثبت اللجنة الأسباب في محضر خاص يُعتمد من الجهة صاحبة المشروع. هذا بالنسبة إلى جهة الاختصاص في تقدير التعويض، فكيف يكون التعويض العادل؟ حيث يعتبر التعويض العادل عند نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة إحدى أهم الضمانات التي كفلها النظام لحماية حقوق الأفراد. فكثيراً ما يقع الخلاف لا على مبدأ نزع الملكية ذاته، وإنما على مقدار التعويض وآلية تقديره، ومدى مراعاته لجميع عناصر الضرر الناتج عن فقدان الملكية. وقد حرص المنظم على معالجة هذه الإشكالية من خلال وضع إطار نظامي دقيق يراعي مصلحة مالك العقار، ومن هذا المنطلق نذكر أسس التعويض العادل في النقاط التالية: -أن يكون تقدير العقار بناءً على قيمته السوقية وقت وقوف اللجنة عليه، مضافاً إليها نسبة )%20( تعويضاً عن نزع الملكية، وأن يشمل التقدير الأرض وكل ما عليها من بناء أو زرع أو حقوق، ويجوز تعويض المالك بأرض إذا رغب في ذلك. -أن يتم تبليغ المالك بالتقدير إدارياً، وإن تعذر فبالنشر، واشترط المنظم أن يكون صرف التعويض قبل الإخلاء، ولا يُسلَّم إلا بعد تسليم العقار وتوثيقه، وفي الحالات الاستثنائية، يجوز الإخلاء قبل صرف التعويض بقرار من الوزير، على أن يعطى المالك أجرة المثل عن المدة إلى حين الاستلام. بالإضافة إلى أنه لا بد أن يتم صرف التعويض لمالك العقارات المقرر نزع ملكيتها خلال سنتين، وإن تأخر جاز طلب إعادة التقدير، ما لم يكن التأخير بسبب المالك. وإذا تم الاستغناء عن العقار أو جزء منه من الجهة صاحبة المشروع، جاز للمالك استرداده خلال ستة أشهر مقابل إعادة التعويض.

قائمة المراجع والمصادر:

  • نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م15/ بتاريخ 3/11/1424. -الأمر الملكي رقم م / 61 وتاريخ 29/4/1444. -المصري، صباح. )2020(، الوجيز في القانون الإداري السعودي. الطبعة الثانية، الكتاب الجامعي.

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *