بند التحكيم في عقد التأسيس – دراسة قانونية

19 أغسطس, 2025

المقدمة

أولاً: أهمية التحكيم كخيار استراتيجي في عقود الشركات

يشكل التحكيم أحد أهم الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، ويمتاز بالسرعة، والمرونة، والخصوصية، مما يجعله خياراً استراتيجياً في بيئة الشركات، خصوصاً مع ازدياد تعقيد العلاقات بين الشركاء وتنوع صور النزاع التي قد تنشأ داخل الكيان الواحد. وفي الشركات السعودية الحديثة، وخاصة العائلية منها، بات الاتجاه إلى تضمين شرط التحكيم في عقد التأسيس وسيلة وقائية لحل الخلافات دون اللجوء إلى المحاكم العامة.

ومع تزايد هذه الممارسة، برزت الحاجة إلى دراسة المشروعية النظامية والأثر القانوني لبند التحكيم في عقد التأسيس، خاصة في ضوء نظام التحكيم السعودي الصادر عام 1433هـ، ونظام الشركات السعودي الجديد الصادر عام 1444هـ، وتعديلاتهما.

ثانياً: خلفية نظامية – تقاطع نظام التحكيم مع نظام الشركات

يتيح النظام السعودي حرية اللجوء إلى التحكيم، شريطة عدم مخالفة النظام العام أو المساس بحقوق لا يجوز التصرف فيها. كما يمنح نظام الشركات حرية للشركاء في تنظيم شؤونهم الداخلية عبر عقد التأسيس. ومع ذلك، فإن إدراج شرط التحكيم داخل هذا العقد – كونه وثيقة نظامية ذات طابع تأسيسي – يثير تساؤلات حول مدى صحته، وحجيته، وإلزاميته للأطراف، خاصة في الحالات التي تنشأ فيها منازعات بين الشركاء أو بين الشركة وأطراف ثالثة.

ثالثاً: إشكالية البحث

ينطلق هذا البحث من التساؤل المحوري الآتي:

هل يجوز قانوناً إدراج بند تحكيم في عقد تأسيس الشركة؟ وما مدى إلزاميته، وما حدود آثاره القانونية في ضوء الأنظمة السعودية؟

وبالتحليل المبدئي للإطار النظامي والعملي، يمكن الإجابة عن هذا التساؤل عبر المحاور التالية:

1. التكييف القانوني لعقد التأسيس:

يتبين أن عقد التأسيس يجمع بين الطبيعة العقدية والنظامية، مما يُمكّن نظرياً من إدراج بند تحكيم ضمنه، شريطة أن يُصاغ بشكل دقيق، وألا يخالف النظام العام.

2. المشروعية النظامية للبند:

نظام التحكيم السعودي لا يمنع تضمين شرط التحكيم في عقود التأسيس، بل يشترط فقط توافر الرضائية، وأهلية الأطراف، ووضوح الاتفاق، مما يجعل البند مشروعاً من حيث الأصل.

3. إلزامية البند للشركاء الجدد والورثة:

يُعد البند مُلزِماً للشركاء المؤسسين بطبيعة الحال، بما فيهم الشركاء الجدد أو الورثة فهم مُلزمون به تبعاً لإلزامية الشركاء والمؤسسين سواءً عند الانضمام أو من خلال إقرار الحق.

4. أثر البند على اختصاص المحاكم:

الدفع بوجود شرط التحكيم يُشكل مانعاً أمام القضاء العام، متى ما تحقق شرط الصحة والبينة، وقد أقرت به الجهات القضائية السعودية مراراً، بشرط وضوح البند وعدم معارضة أحد أطرافه.

5. التعارض مع النظام العام:

يُستبعد شرط التحكيم إذا خالف قاعدة آمرة، كأن يُحاول الشركاء استخدامه للتهرب من الرقابة القضائية على أعمال التصفية أو مسؤولية المدير في حال وجود غش أو احتيال، وفي هذه الحالات قد يُبطل القضاء البند أو يحد من أثره.

6. التحديات العملية:

من أبرز الإشكالات: الصياغة الغامضة، عدم تعيين مرجعية تحكيمية واضحة، اختلاف أهلية الشركاء، أو دخول أطراف غير موقعين على العقد، مما يستوجب معالجة فنية دقيقة عند إدراج البند.

رابعاً: أهداف البحث

يسعى هذا البحث إلى تحقيق الأهداف الآتية:

  • تحليل التكييف النظامي لعقد التأسيس وموقع بند التحكيم ضمنه.
  • تحديد شروط صحة بند التحكيم من حيث الصياغة والرضا وأثره في مواجهة الأطراف.
  • عرض الآثار القانونية للبند على النزاعات الداخلية والخارجية، وعلى اختصاص القضاء.
  • بيان التحديات العملية التي تواجه الشركات والمحامين والموثقين عند تضمين البند.
  • اقتراح صيغة قانونية نموذجية تتماشى مع الأنظمة السعودية وتراعي طبيعة الشركات.
  • تقديم توصيات تنظيمية وتشريعية لتوضيح العلاقة بين نظامي الشركات والتحكيم.

خامساً: منهجية البحث

يعتمد البحث على المنهج التحليلي القانوني، من خلال دراسة النصوص النظامية ذات الصلة، وتحليل السوابق القضائية والتحكيمية في المملكة، ومقارنة مخرجات الفقه القانوني في المملكة وبعض الدول الأخرى التي تواجه إشكالات مشابهة في الشركات المغلقة أو العائلية.

كما يستند البحث إلى المنهج العملي التطبيقي من خلال إبراز مشكلات واقعية وسوابق نزاعية نتجت عن ضعف صياغة شرط التحكيم في عقود التأسيس.


الفصل الأول: الطبيعة القانونية لعقد التأسيس وأثرها على مشروعية بند التحكيم

أولاً: مفهوم عقد التأسيس في النظام السعودي – هل هو عقد أم لائحة داخلية؟

يشكل “عقد التأسيس” الوثيقة النظامية المحورية التي تقوم عليها الشركة. فبموجبه تُنشأ الشخصية الاعتبارية، وتُحدّد العلاقة بين الشركاء من جهة، وبينهم وبين الشركة من جهة أخرى، وتُبنى عليه حقوق والتزامات متبادلة. ومع ذلك، فإن التكييف القانوني لعقد التأسيس لا يزال مثار جدل فقهي.

في النظام السعودي، لا يوجد تعريف صريح لعقد التأسيس، ولكن من خلال استقراء النصوص التنظيمية، خاصة في نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) لعام 1443هـ، يتضح أن العقد يتضمن جوانب مزدوجة:

  • جانب عقدي: حيث يتطلب وجود إرادتين على الأقل تتفقان على إنشاء شركة، مما يجعله من العقود المسماة.
  • وجانب نظامي لائحي: حيث يُعد شرطاً قانونياً لتسجيل الشركة واكتساب الشخصية الاعتبارية، ويحتوي على قواعد تنظيمية تسري على الشركاء الحاليين والمحتملين، وقد يُحتج بها في مواجهة الغير.

وهذا التداخل بين الطبيعة العقدية والتنظيمية يثير سؤالاً محورياً في هذا البحث: هل يُعد عقد التأسيس وعاءً قانونياً مناسباً لتضمين شرط التحكيم؟

إن الإجابة الأولية تشير إلى أنه ليس ثمة ما يمنع ذلك من حيث الأصل، لكن الأمر يتطلب دراسة دقيقة لطبيعة البند وموقعه وأثره القانوني.

ثانياً: موقع بند التحكيم ضمن بنود عقد التأسيس – التكييف والوزن النظامي

يندرج بند التحكيم عادة ضمن ما يُعرف “بالبنود الإجرائية” أو “الختامية” في عقد التأسيس. وقد يظهر بصيغ متعددة، بعضها مبهم مثل:

“جميع المنازعات التي تنشأ بين الشركاء تُحال إلى التحكيم”.

أو بصيغة أكثر تحديداً:

“يتفق الشركاء على أن تُحال جميع المنازعات المتعلقة بهذا العقد إلى التحكيم وفقاً لنظام التحكيم السعودي، ويكون مقر التحكيم في الرياض”.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل لهذا البند نفس الحجية والوزن النظامي لبقية البنود التنظيمية مثل توزيع الحصص أو صلاحيات المدير؟

من الناحية القانونية، يُعد بند التحكيم بنداً اتفاقياً ذا طبيعة مستقلة، ويخضع لشروط خاصة، كما نصت على ذلك المادة (21) من نظام التحكيم السعودي، التي أكدت أن شرط التحكيم يُعد اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى.

لكن إدراجه في عقد التأسيس يمنحه صفة الإلزام المطلق تجاه كل من يوقع على العقد، مع عدم الإخلال بأنه يجب أن يُستكمل بشروط الصحة الشكلية والرضائية، كما سيُناقش لاحقاً.

ثالثاً: التفرقة بين البنود الإدارية والبنود الإجرائية – أين يقع بند التحكيم؟

تُصنف البنود الواردة في عقود تأسيس الشركات عادة إلى نوعين:

1. البنود الإدارية والتنظيمية

مثل: رأس المال، توزيع الحصص، صلاحيات المدير، طريقة انعقاد الجمعيات العمومية. وهذه البنود تُعد من صميم النظام الداخلي للشركة، وتُعد ملزمة فور تسجيلها، وقد يُحتج بها على الشركاء والغير.

2. البنود الإجرائية والآليات التفسيرية

مثل: تحديد المرجعية القانونية، اللغة الرسمية، شرط التحكيم، طريقة حل النزاعات.

ويقع شرط التحكيم بوضوح ضمن الفئة الثانية، أي البنود الإجرائية، التي تتطلب موافقة خاصة ولا تُفترض من مجرد التوقيع على العقد، ما لم يكن الشرط صريحاً وواضحاً.

وقد أكدت المادة (9) من نظام التحكيم على أن:

“يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً، ويجوز أن يكون في محرر رسمي أو عرفي، أو في تبادل وثائق أو رسائل أو برقيات…”

وهذا يدل على أن شرط التحكيم لا يُفترض من السياق العام لعقد التأسيس، وإنما يجب إدراجه بصورة صريحة واضحة لا لبس فيها، ليمكن الاحتجاج به لاحقاً أمام القضاء أو الهيئات التحكيمية.

رابعاً: موقف مركز التحكيم التجاري السعودي (SCCA)

في عدد من القضايا المرفوعة أمام المركز، رفض بعض المحكّمين قبول النزاع لغياب “اتفاق واضح ومكتوب” من جميع الشركاء على شرط التحكيم، رغم وجوده في عقد التأسيس. وتم تفسير ذلك بأن العقد لا يُلزم من لم يوقع عليه أو لم يكن طرفاً فيه وقت التأسيس، ما لم يُثبت قبوله له لاحقاً.

خلاصة الفصل الأول:

  • عقد التأسيس له طبيعة مزدوجة (عقدية + تنظيمية)، لكنه لا يرقى ليكون مرجعاً تحكيمياً بذاته ما لم يُدرج فيه شرط تحكيم صريح.
  • بند التحكيم يقع ضمن البنود الإجرائية، التي تتطلب وضوحاً ورضائية لا تُفترض.
  • يُعد شرط التحكيم مشروعاً نظاماً إذا استوفى شروط الصحة من حيث الصياغة والقبول.
  • الشركاء الجدد والورثة ملزمون ببند التحكيم تبعاً لإلزاميتهم بباقي بنود عقد التأسيس.

الفصل الثاني: مشروعية تضمين بند التحكيم في ضوء الأنظمة السعودية

إن مشروعية إدراج بند التحكيم في عقد التأسيس ترتبط بمدى توافقه مع القواعد النظامية التي تحكم كلاً من نظام الشركات ونظام التحكيم في المملكة العربية السعودية.

فالتحكيم في الأصل قائم على إرادة الأطراف، وهذه الإرادة لا بد أن تعمل ضمن الإطار الذي يتيحه النظام العام والأنظمة الخاصة، وإلا عُد البند باطلاً أو غير قابل للتنفيذ.

في هذا الفصل سنناقش الإطار النظامي الحاكم، بدءاً بموقف نظام الشركات الجديد، مروراً بموقف نظام التحكيم، ثم تحليل أثر التعديلات الأخيرة، وانتهاءً بشروط الصحة وحدود السلطة في إلزام أطراف جدد بهذا البند.

أولاً: موقف نظام الشركات الجديد (1444هـ) من التحكيم بين الشركاء

1. النص الصريح

عند مراجعة مواد نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443هـ، نجد أنه تضمن نصاً يجيز إدراج شرط التحكيم في عقود التأسيس.

حيث أجازت المادة (الثالثة والخمسون بعد المائة: تسوية المنازعات) من نظام الشركات المُحدث أن يُنص في نظام الشركة الأساس على اللجوء إلى التحكيم ونصها:

“فيما عدا الأفعال الجنائية، يجوز أن يُنص في نظام الشركة الأساس على تسوية المنازعات أو الخلافات أياً كانت طبيعتها التي قد تقع بين المساهمين أو بين الشركة ورئيسها أو مديرها أو أي من أعضاء مجلس إدارتها -بحسب الأحوال- باللجوء إلى التحكيم أو غيره من الوسائل البديلة لتسويتها”

وذلك بشرط موافقة المساهمين بالإجماع على تضمينها بموجب المادة (الرابعة والخمسون بعد المائة إجماع المساهمين) منه ونصها:

“يشترط موافقة المساهمين بالإجماع على تضمين نظام الشركة الأساس أحكام المواد (الحادية والخمسين بعد المائة) و(الثانية والخمسين بعد المائة) و(الثالثة والخمسين بعد المائة) من النظام، وعلى أي تعديل يطرأ على أي منها.”

عليه، ففي حال نص عقد التأسيس على اتفاق التحكيم أو صدر من مفوضها، وبالرجوع إلى المادة (الثامنة: قيد وثائق تأسيس الشركة) من نظام الشركات نجد بأنها قيدت جواز الاحتجاج بعقد التأسيس على الغير بقيده بالسجل التجاري بنصها:

“1. لا يجوز الاحتجاج على الغير بعقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس أو بأي تعديل عليه إلا بعد القيد لدى السجل التجاري، وإذا لم يُقيَّد بيانٌ أو أكثر فيكون وحده غير نافذ في مواجهة الغير.”

ما نرى معه إلزامية بند التحكيم في عقد التأسيس لجميع الأطراف بما فيهم الشركاء الجدد والورثة في حال تحقق الاشتراطات المشار إليها سابقاً.

2. مرونة التنظيم الداخلي للشركات

المادة (10) من النظام أعطت الشركاء حرية تنظيم علاقاتهم الداخلية “فيما لا يتعارض مع أحكام النظام والأنظمة الأخرى ذات العلاقة”. وعليه:

  • إذا كان بند التحكيم متوافقاً مع نظام التحكيم، ولم يتعارض مع النظام العام، فهو جائز من حيث المبدأ.
  • لا يمكن إدراج بند تحكيم يلغي حقاً مقرراً نظاماً أو يتعارض مع قواعد آمرة، مثل الرقابة القضائية على قرارات التصفية الإجبارية.

3. العلاقة بين عقد التأسيس والطبيعة الملزمة لبنوده

بما أن عقد التأسيس يسجل لدى وزارة التجارة ويكتسب حجية نظامية، فإن أي بند وارد فيه يصبح جزءاً من النظام الداخلي للشركة، لكنه لا يُعتبر ملزماً لكل من يتعامل مع الشركة إلا بقدر علمه وموافقته، وهو ما يجعل بند التحكيم بحاجة إلى إثبات الرضا عند التطبيق.

ثانياً: موقف نظام التحكيم السعودي (1433هـ) من أهلية الأطراف وصحة الاتفاق

1. تعريف التحكيم ومتطلبات اتفاقه

المادة (1) من نظام التحكيم عرفت التحكيم بأنه:

“اتفاق بين طرفين أو أكثر على أن يُحال إلى التحكيم كل أو بعض المنازعات…”

وهذا التعريف يقرر مبدأ الرضائية كشرط أساسي.

كما نصت المادة (9) على أن:

“يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً، ويجوز أن يكون في محرر رسمي أو عرفي…”

وهذا يعني أن مجرد الإشارة العامة إلى “حل النزاعات ودياً” لا يكفي لتكوين شرط تحكيم.

2. أهلية الأطراف

المادة (10) اشترطت أن يكون أطراف التحكيم ذوي أهلية كاملة للتصرف في محل النزاع. وهنا تظهر عدة تطبيقات مهمة:

  • الشريك القاصر أو المحجور عليه لا يلتزم بشرط التحكيم إلا إذا وافق وليه أو وُجد إذن قضائي.
  • الشركات ذات الشخصية الاعتبارية تلتزم عبر ممثلها النظامي فقط.

3. الاستقلالية عن العقد الأصلي

المادة (21) من النظام قررت أن اتفاق التحكيم مستقل عن العقد الذي يتضمنه، أي أن بطلان عقد التأسيس لا يؤدي تلقائياً إلى بطلان شرط التحكيم، والعكس صحيح.

ثالثاً: أثر التعديلات النظامية (استبدال “فاقد الأهلية” بـ “عديم الأهلية”)

في التعديلات الأخيرة على نظام التحكيم، تم استبدال مصطلح “فاقد الأهلية” بـ “عديم الأهلية”، وهو تعديل جوهري لأن:

  • مصطلح “فاقد الأهلية” كان قد يفسر بأنه يشمل حتى ناقصي الأهلية (مثل القاصر المأذون)، ما قد يضيق نطاق صلاحية الاتفاقات.
  • أما “عديم الأهلية” فهو أضيق نطاقاً، ويقصر المنع على من لا يملك أي أهلية قانونية.

رابعاً: شروط صحة بند التحكيم في العقود التأسيسية من حيث الصياغة والقبول

استناداً إلى نظام التحكيم، ولضمان نفاذ بند التحكيم في عقد التأسيس أمام القضاء، يجب أن تتوافر فيه الشروط التالية:

1. الكتابة الصريحة

إدراج نص واضح ومباشر مثل:

“يتفق الشركاء على إحالة أي نزاع ينشأ عن هذا العقد أو يتعلق به إلى التحكيم وفق نظام التحكيم السعودي…”

لا يكفي النص المبهم أو الإشارة العامة لتسوية النزاعات.

2. الوضوح في النطاق

تحديد ما إذا كان التحكيم يشمل كل النزاعات، أو نزاعات معينة فقط (مثل تفسير العقد، أو توزيع الأرباح).

3. تحديد المرجعية التحكيمية

إما الإحالة إلى نظام التحكيم السعودي مباشرة، أو إلى مركز تحكيم معتمد (مثل المركز السعودي للتحكيم التجاري SCCA).

4. بيان آلية التعيين والإجراءات

عدد المحكمين، وطريقة اختيارهم، ولغة التحكيم، ومقره.

5. رضا الأطراف

توقيع جميع الشركاء المؤسسين على البند أو على ملحق لاحق يتضمنه.

خامساً: حدود سلطة الشركاء في فرض التحكيم على الشركاء الجدد أو الورثة

1. الشركاء الجدد

إذا اشترى شخص حصة في الشركة:

  • مع علمه بعقد التأسيس المتضمن لشرط التحكيم: يعد قبوله الانضمام بمثابة موافقة ضمنية.
  • بدون علم أو موافقة صريحة: قد يرفض القضاء إلزامه بالتحكيم لغياب عنصر الرضا.

2. الورثة

  • تنتقل الالتزامات المالية والحقوق إلى الورثة، بما فيها شرط التحكيم.

3. اجتهادات قضائية

في إحدى القضايا المنظورة أمام محكمة الاستئناف التجارية بالرياض، دفع أحد الشركاء الجدد بعدم التزامه بشرط التحكيم الوارد في عقد تأسيس الشركة، لأن العقد وُقع قبل دخوله ولم يُبلّغ به. ورأت المحكمة أن البند غير ملزم له لغياب الموافقة الصريحة.

الخلاصة التحليلية للفصل الثاني

  1. إدراج شرط التحكيم في عقد التأسيس مشروع نظاماً وفقاً لنظامي الشركات والتحكيم، إذا استوفى الشروط الشكلية والموضوعية.
  2. النظام السعودي يعتمد مبدأ الرضائية.
  3. الصياغة الدقيقة للبند وضمان القبول هما حجر الأساس لسلامة الشرط.

الفصل الثالث: الآثار القانونية لبند التحكيم في عقد التأسيس

بعد التأكد من مشروعية إدراج بند التحكيم في عقد التأسيس، فإن الخطوة التالية هي دراسة الآثار القانونية المترتبة عليه.

هذه الآثار تمس نطاق إلزامية البند، وأثره على اختصاص القضاء، وقابلية منازعات الشركات للتحكيم، وإمكانية تعارضه مع قواعد النظام العام، فضلاً عن حالات البطلان أو الاستبعاد.

أولاً: حجية البند تجاه الشركاء المؤسسين والجدد

1. بالنسبة للشركاء المؤسسين

  • يلتزم جميع الشركاء المؤسسين بشرط التحكيم بمجرد توقيعهم على عقد التأسيس المتضمن للبند، دون حاجة إلى اتفاق منفصل.
  • القضاء السعودي يقرّ مبدأ إلزام المؤسسين ببند التحكيم طالما وُجد نص صريح وواضح، حتى لو أنكر أحدهم لاحقاً فهمه للبند، إذ أن الجهل بالنصوص النظامية ليس عذراً مقبولاً.

2. بالنسبة للشركاء الجدد

  • يُلزم الشريك الجديد تبعاً لإلزاميته بكافة بنود عقد التأسيس (لكن الأمر في كثير من الحالات يخضع لسلطة تقدير القاضي).
  • تطبيق قضائي: في قضية أمام محكمة الاستئناف التجارية بالرياض عام 1443هـ، رفضت المحكمة الدفع بشرط التحكيم لعدم إثبات أن الشريك المنضم حديثاً قد وافق عليه أو علم به عند دخوله الشركة.

استنتاج: نطاق الحجية يختلف بين المؤسسين والجدد، ويظل عنصر الرضا حاسماً في إلزام الأخيرين.

ثانياً: أثر البند على الاختصاص القضائي في حال النزاع

1. مبدأ الدفع بوجود شرط التحكيم

  • المادة (11) من نظام التحكيم تنص على أنه إذا رفع أحد الأطراف دعوى أمام المحكمة في نزاع يوجد اتفاق تحكيم بشأنه، فعلى المحكمة إحالة النزاع إلى التحكيم إذا دفع الطرف الآخر بذلك قبل الدخول في موضوع الدعوى.

2. إلزامية الإحالة

المحكمة ملزمة بالإحالة إذا تحقق شرطين:

  1. وجود اتفاق تحكيم صحيح.
  2. الدفع به في الوقت المحدد.

3. التطبيق العملي

  • في قضية نظرتها المحكمة التجارية بجدة عام 1442هـ، تم رفض الدعوى لوجود شرط تحكيم في عقد التأسيس، ودُفع به قبل النظر في الموضوع، وأُحيل النزاع إلى المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA).

خلاصة: شرط التحكيم في عقد التأسيس يُشكل مانعاً من اللجوء المباشر للقضاء متى كان صحيحاً ومكتوباً ومحتجاً به في الوقت المناسب.

ثالثاً: قابلية منازعات الشركات للتحكيم

ليست كل منازعات الشركات قابلة للتحكيم؛ إذ أن النظام العام يضع حدوداً واضحة.

1. النزاعات القابلة للتحكيم

  • الخلافات بين الشركاء حول تفسير أو تنفيذ عقد التأسيس.
  • منازعات توزيع الأرباح والخسائر.
  • نزاعات المسؤولية المدنية على المدير أو الشركاء.
  • إجراءات الانسحاب أو التنازل عن الحصص.

2. النزاعات غير القابلة للتحكيم

القضايا المتعلقة بالنظام العام، مثل:

  • التصفية الإجبارية للشركة.
  • إسقاط الشخصية الاعتبارية.
  • قضايا الغش التجاري أو التستر التجاري التي تتضمن مخالفات جزائية.

تطبيق عملي: في نزاع أمام محكمة الاستئناف التجارية بالرياض، تم إبطال شرط التحكيم فيما يتعلق بطلب تصفية الشركة، لاعتبار أن التصفية تمس النظام العام ولا يمكن إخضاعها للتحكيم.

رابعاً: تعارض بند التحكيم مع قواعد النظام العام

1. أمثلة على التعارض

  • محاولة استخدام بند التحكيم للتهرب من الرقابة القضائية على أعمال التصفية.
  • تضمين البند ما يخالف نصوصاً آمرة، مثل إعفاء المدير من المسؤولية عن الغش أو الإهمال الجسيم.

2. موقف القضاء

  • المحاكم السعودية تستبعد تطبيق شرط التحكيم إذا خالف النظام العام أو تضمن تقييداً لحقوق لا يجوز التنازل عنها.
  • مثال: في إحدى القضايا، رأت المحكمة أن بند التحكيم الذي يمنع أي شريك من رفع دعوى مسؤولية على المدير يتعارض مع قواعد النظام العام وأبطلته.

خامساً: حالات بطلان أو استبعاد بند التحكيم في الممارسة القضائية

1. حالات البطلان

  • عدم وجود اتفاق مكتوب أو صياغة غامضة.
  • توقيع أحد الأطراف تحت إكراه أو تدليس.
  • عدم أهلية أحد الأطراف وقت التوقيع.

2. حالات الاستبعاد رغم صحة البند

  • وجود نزاع يخرج عن نطاق البند.
  • ثبوت مخالفة البند للنظام العام.
  • عدم دفع الخصم بوجود البند أمام المحكمة في الوقت المحدد.

الخلاصة التحليلية للفصل الثالث

  1. شرط التحكيم في عقد التأسيس يُلزم الشركاء المؤسسين، بما فيهم الشركاء الجدد والورثة.
  2. وجود البند الصحيح يوجب على المحاكم إحالة النزاع للتحكيم متى دُفع به في الوقت المناسب.
  3. بعض منازعات الشركات لا تقبل التحكيم لمساسها بالنظام العام.
  4. المحاكم تستبعد أو تبطل شرط التحكيم إذا تضمن ما يخالف النصوص الآمرة أو النظام العام.
  5. الدقة في الصياغة وتحديد نطاق النزاعات المشمولة بالبند أمر حاسم لتجنب الإبطال.

الفصل الرابع: التحديات العملية في صياغة وتطبيق بند التحكيم في عقد التأسيس

رغم أن إدراج بند التحكيم في عقد التأسيس يوفّر للشركاء آلية بديلة لتسوية المنازعات، إلا أن الواقع العملي في السعودية أظهر أن هذا البند يواجه تحديات متعددة في الصياغة والتطبيق والتنفيذ.

هذه التحديات قد تؤدي إلى إبطاله، أو استبعاده، أو حتى تعقيد النزاع بدلاً من تسويته. ومن هنا، فإن دراسة هذه التحديات تساعد على صياغة بند تحكيم متين وقابل للتنفيذ.

المبحث الأول: التحديات المتعلقة بصياغة بند التحكيم

أولاً: الغموض في الصياغة

  • كثير من عقود التأسيس تكتفي بعبارة مثل: “تُحل النزاعات بين الشركاء ودياً أو بالتحكيم” دون تحديد الإجراءات، وهو ما يجعل البند عرضة للبطلان.
  • التطبيق القضائي: أبطلت المحكمة التجارية في الرياض (1441هـ) شرط التحكيم في عقد تأسيس لأنه “غير محدد النطاق ولم يبين المرجعية التحكيمية ولا آلية تعيين المحكمين”.

ثانياً: عدم تحديد نطاق النزاعات

  • إذا لم يحدد البند ما إذا كان يشمل كل المنازعات أو بعضها، قد يثور نزاع جديد حول “مدى شمول البند” قبل الدخول في التحكيم نفسه.
  • مثال: بند يشمل “المنازعات المتعلقة بالأرباح” فقط، لا ينطبق على نزاع حول عزل المدير.

ثالثاً: غياب المرجعية التحكيمية

  • عدم ذكر القانون أو المركز التحكيمي أو الإجراءات المطبقة يفتح الباب لاختلافات لاحقة.
  • النص الأفضل هو الإحالة المباشرة إلى نظام التحكيم السعودي أو المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA).

رابعاً: عدم مراعاة النظام العام

  • بعض البنود تحاول استبعاد الرقابة القضائية تماماً، أو إعفاء الشركاء من المسؤولية النظامية، وهي بنود باطلة لمخالفتها النصوص الآمرة.

خامساً: عدم النص على الخلف العام والخاص في بند التحكيم

  • من الإشكالات التي يمكن أن تحدث مستقبلاً أن يدفع أحد الشركاء الجدد أو الورثة بعدم علمه بوجود بند التحكيم أو أنه لم يكن موجوداً وقت إلزاميته لجميع الشركاء والمساهمين وعليه يفضّل تفادي هذه المشكلة بتحصين بند التحكيم بشكل مسبق بالنص على الخلف العام والخاص وتأكيد إلزاميتهم تبعاً لإلزامية جميع أعضاء الشركة.

مثال على بند تحكيم محصّن:

“يُحال إلى التحكيم جميع ما قد ينشأ من منازعات أو خلافات أو مطالبات بين الشركاء أو بين أي منهم وبين الشركة أو بين الخلف العام (الورثة) أو الخلف الخاص (المتنازل لهم أو المشترين للحصص أو الأسهم) والمتعلقة بعقد التأسيس أو النظام الأساسي أو إدارة الشركة أو تفسيرهما أو تنفيذهما أو أي مسألة ذات صلة بهما، وذلك وفقاً لأحكام نظام التحكيم السعودي ولائحته التنفيذية، أمام المركز السعودي للتحكيم التجاري، وتكون اللغة العربية هي المعتمدة في جميع إجراءات التحكيم. ويُعد قبول أي شريك جديد أو خلف عام أو خاص لحصص أو أسهم الشركة بمثابة قبول صريح ومباشر منه بهذا الشرط وجميع آثاره النظامية.”

المبحث الثاني: التحديات في مرحلة تفعيل البند

أولاً: إنكار وجود أو صحة البند

  • يحدث كثيراً أن يدّعي أحد الشركاء أن العقد الذي يحوي البند لم يوقعه أو تم إدخاله بعد التوقيع.
  • الحل العملي: التأكد من توقيع جميع الشركاء على نفس نسخة العقد المودعة لدى وزارة التجارة.

ثانياً: الدفع بعد فوات الأوان

  • إذا لم يتمسك أحد الأطراف بشرط التحكيم في أول جلسة قضائية قبل الدخول في الموضوع، يسقط حقه في التمسك به (مادة 11 من نظام التحكيم).

ثالثاً: إلزام الشركاء الجدد

  • كما ذكرنا في الفصول السابقة، الشركاء الجدد ملزمون بالبند تبعاً لإلزاميتهم بعقد التأسيس بكافة بنوده.

المبحث الثالث: التحديات في مرحلة إجراءات التحكيم

أولاً: اختيار المحكمين

النزاعات قد تتأخر أشهراً بسبب الخلاف على تعيين المحكمين، خاصة إذا لم يحدد البند آلية واضحة.

مثال واقعي: قضية في المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA) استغرقت 7 أشهر قبل بدء الجلسات بسبب خلاف على اختيار المحكم الثالث.

ثانياً: تكاليف التحكيم

  • بعض الشركاء يجهلون أن التحكيم ليس مجانياً، وقد تكون تكاليفه أعلى من التقاضي العادي، مما يدفعهم للتراجع عن تفعيله.

ثالثاً: اللغة ومقر التحكيم

  • إذا لم يحدد البند اللغة أو المقر، قد ينشأ خلاف حولهما، خاصة إذا كان أحد الشركاء أجنبياً.

المبحث الرابع: التحديات في مرحلة تنفيذ حكم التحكيم

أولاً: رفض التنفيذ بسبب مخالفة النظام العام

  • المحكمة المختصة قد ترفض تنفيذ الحكم إذا تبين أنه يخالف النظام العام أو تجاوز حدود البند.
  • مثال: حكم تحكيمي ألزم أحد الشركاء بدفع تعويض جزائي مبالغ فيه، فرفضت المحكمة تنفيذه.

ثانياً: إشكالات الاختصاص الدولي

  • إذا كان مقر التحكيم خارج السعودية، فقد تحتاج الأطراف لإجراءات إضافية لتنفيذ الحكم وفق اتفاقية نيويورك 1958.

المبحث الخامس: توصيات لتجاوز التحديات

  1. صياغة واضحة ودقيقة تحدد نطاق النزاعات، والمرجعية التحكيمية، وآلية تعيين المحكمين.
  2. تضمين البند في جميع عقود الانضمام لضمان إلزام الشركاء الجدد.
  3. التدريب والتوعية للشركاء حول آثار وتكاليف وإجراءات التحكيم.
  4. اختيار مركز تحكيم موثوق مثل SCCA لتفادي الخلافات حول الإجراءات.
  5. مراجعة البند دورياً لتعديله بما يتوافق مع التعديلات النظامية.

الخلاصة التحليلية للفصل الرابع

رغم أن بند التحكيم أداة فعالة لتسوية المنازعات، إلا أن نجاحه يعتمد على جودة الصياغة، والتزام الأطراف به منذ البداية، وحسن اختيار المرجعية التحكيمية.

التجربة السعودية تظهر أن أغلب مشاكل البند لا ترجع إلى النظام نفسه، بل إلى أخطاء الصياغة أو الجهل بإجراءاته، ما يجعل من الضروري أن يكون البند ثمرة استشارة قانونية متخصصة.


الفصل الخامس: مزايا اللجوء للتحكيم في منازعات الشركات مقارنة بالقضاء

شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة قفزة نوعية في مجال التحكيم، سواء من خلال سنّ نظام التحكيم لعام 1433هـ، أو عبر إنشاء المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA) وتطوير لوائحه بما يتماشى مع المعايير الدولية.

في منازعات الشركات، يبرز التحكيم كآلية فعّالة توفر مزايا لا تتوافر بالقدر ذاته في القضاء العام، خصوصاً فيما يتعلق بسرعة الفصل، وسرية الإجراءات، وإمكانية اختيار خبراء متخصصين، وسهولة تنفيذ الأحكام دولياً.

هذا الفصل يتناول هذه المزايا بصورة تحليلية مقارنة، مع إيراد أمثلة واقعية من البيئة السعودية.

المبحث الأول: المرونة الإجرائية وسرعة الفصل

أولاً: المرونة في تصميم الإجراءات

يتيح التحكيم للأطراف حرية وضع الإجراءات التي تناسب طبيعة نزاعهم:

  • تحديد عدد المحكمين.
  • الاتفاق على اللغة والمكان.
  • وضع الجداول الزمنية وتقصير المدد.

في المقابل، يخضع التقاضي أمام المحاكم لإجراءات ثابتة تحددها لوائح وزارة العدل، ولا يمكن تعديلها بإرادة الأطراف.

ثانياً: تقليص مدة النزاع

  • تشير بيانات المركز السعودي للتحكيم التجاري إلى أن متوسط مدة الفصل في القضايا التجارية الكبرى هو 10 أشهر، مقابل أكثر من سنتين في بعض المحاكم التجارية.
  • مثال واقعي: نزاع بين مساهمين في شركة عقارية كبرى في الرياض أُحيل إلى SCCA، وتم البت فيه خلال 9 أشهر رغم أن النزاع تضمن تقارير محاسبية معقدة.

تحليل مقارن: السرعة والمرونة في التحكيم تمنح الشركات ميزة تنافسية، إذ تقلل فترات التعطل الناتجة عن النزاعات، بينما يظل القضاء أكثر صرامة في الالتزام بالمدد النظامية.

المبحث الثاني: السرية وحماية السمعة التجارية

أولاً: طبيعة السرية في التحكيم

  • جلسات التحكيم غير علنية.
  • المستندات والمرافعات تُحفظ بسرية، ولا تُنشر إلا بموافقة الأطراف.
  • هذا يحمي سمعة الشركة ويجنبها الضرر الإعلامي.

ثانياً: مقارنة بالقضاء

  • القضايا أمام المحاكم قد تكون علنية، والأحكام قد تُنشر على بوابة وزارة العدل أو في الصحف عند الضرورة.
  • في قضايا الشركات العائلية، العلنية قد تضر بثقة العملاء والموردين.

مثال واقعي: في نزاع بين شركاء في سلسلة مطاعم سعودية، فضّل الأطراف التحكيم لتجنب تداول تفاصيل الخلاف المالي في الإعلام، وهو ما ساعد على استمرار النشاط التجاري دون تأثير سلبي على المبيعات.

المبحث الثالث: الخبرة التخصصية للمحكمين

أولاً: ميزة الاختيار

يتيح التحكيم اختيار محكمين ذوي خبرة فنية متخصصة:

  • محامون تجاريون.
  • خبراء محاسبة قانونية.
  • متخصصون في قطاع معين (مثل الطاقة أو العقار).

ثانياً: أثر الخبرة على جودة الحكم

  • الخبرة الفنية للمحكمين تقلل من احتمالية الأخطاء وتسرّع الفصل.
  • في القضاء، القضاة قد لا يمتلكون نفس التخصص الفني الدقيق، ويعتمدون على خبراء خارجيين مما قد يطيل المدة.

مثال تطبيقي: نزاع في شركة صناعية حول جودة معدات مستوردة تم حسمه من قبل هيئة تحكيم ضمّت مهندساً صناعياً كمحكم، مما سهّل تقييم المسائل الفنية وأغنى الحكم بالتحليل التقني.

المبحث الرابع: قابلية التنفيذ دولياً

أولاً: ميزة اتفاقية نيويورك 1958م

  • كون السعودية طرفاً في الاتفاقية يتيح تنفيذ أحكام التحكيم في أكثر من 160 دولة.
  • ميزة مهمة للشركات التي لها تعاملات خارجية.

ثانياً: مقارنة بالقضاء

  • أحكام المحاكم السعودية قد تتطلب اتفاقيات قضائية ثنائية لتنفيذها خارج المملكة، ما يحد من فاعليتها في المعاملات الدولية.

مثال واقعي: شركة سعودية لها شريك أجنبي لجأت للتحكيم في نزاع مالي، وتم تنفيذ الحكم الصادر في الرياض بسهولة في دولة الشريك عبر اتفاقية نيويورك.

المبحث الخامس: الحفاظ على العلاقات التجارية وتقليل الاحتكاك الشخصي

أولاً: بيئة أقل تصادمية

  • التحكيم يميل إلى الطابع التعاوني، ويشجع على التسوية الودية حتى أثناء الإجراءات.
  • هذا مهم في الشركات العائلية أو الشراكات طويلة الأمد.

ثانياً: استمرار الأعمال بعد النزاع

في بعض الحالات، تمكن الأطراف من الاستمرار في الشراكة بعد التحكيم، بينما النزاع أمام القضاء غالباً ينتهي بقطع العلاقة.

مثال واقعي: في نزاع عائلي حول حصص شركة مقاولات، سمحت أجواء التحكيم الهادئة بالتوصل لتسوية جزئية، واستمر التعاون في مشاريع لاحقة.

الخلاصة التحليلية للفصل الخامس

  1. التحكيم يتميز بمرونة وسرية وسرعة، مقابل بطء وعلنية القضاء.
  2. الخبرة الفنية للمحكمين ترفع جودة الأحكام وتقلل الأخطاء.
  3. قابلية تنفيذ أحكام التحكيم دولياً تمنح الشركات السعودية ميزة في التعاملات الخارجية.
  4. الطابع التعاوني للتحكيم يساهم في الحفاظ على العلاقات التجارية.
  5. التحكيم لا يلغي دور القضاء، بل يكمله من خلال توفير خيار بديل فعّال.

المراجع والمصادر

الأنظمة السعودية:

  1. نظام التحكيم السعودي، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/34) وتاريخ 24/5/1433هـ.
  2. نظام الشركات السعودي، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) وتاريخ 1/12/1443هـ.
  3. اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم، وزارة العدل، 1434هـ.

كتب قانونية مختارة:

  1. د. عبد الرحمن السدحان، التحكيم في النظام السعودي: دراسة فقهية مقارنة، مكتبة العبيكان، 2019.
  2. د. خالد العقيل، النظام القانوني لعقد تأسيس الشركات في السعودية، جامعة الإمام، 1442هـ.
  3. الخياط، محمد، صياغة العقود التجارية والتحكيمية، الرياض: دار النهضة العربية، 1441هـ.

مصادر تطبيقية:

  1. أحكام منشورة على بوابة وزارة العدل: http://www.moj.gov.sa.
  2. اتفاقية نيويورك للاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، 1958م.
  3. المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA) التقارير السنوية 2020-2023م.

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *